لم تظهر الأمثال الشعبية في الثقافة المصرية من العدم، فالمثل وراءه قصة، ظلت تتردد حتى صارت أصلًا لتلك المقولة التي تستخدم للتدليل على قصة مشابهة حدثت بعدها، وفي السطور التالية سوف نتناول مجموعة أمثال شعبية مصرية وشرحها.
أمثال شعبية مصرية
المنوفي لا يلوفي ولو أكلته لحم الكتوفي
يرجع أصل المثل إلى عصر حكم المماليك لمصر، حين اعتدى مملوك على زميله بالضرب حتى أرداه قتيلا، فرآه شخص من المنوفية، ومن مدينة منوف بالتحديد، في ذلك الوقت، فأراد القاتل المملوكي أن يقدم للرجل المنوفي رشوة حتى لا يفضح أمره، فظل يطعمه كثيرا من لحوم الغنم والإبل، وعقد معه اتفاقًا يتضمن ألا يشهد ضده في جلسة الحكم التي سيقف فيها المملوكي القاتل أمام القاضي.
يوم المحاكمة
وفي يوم محاكمة المملوكي القاتل أمام القاضي، طلب القاضي من الرجل المنوفي أن يقسم اليمين على أن يقول الحق، فحلف المنوفي واعترف على المملوكي القاتل وحكى كل ما حدث أمامه بالضبط، ليصيح الرجل المملوكي بوجهه: “ألم نتفق ألا تعترف بالحقيقة؟”، ليرد عليه المنوفي بقوله “يارجل أتريدني أن أشهد بقول الزور وأعتق رقبتك من القتل وأدخل أنا بتلك الشهادة النار؟!”، فأطلق الرجل المملوكي الجملة الشهيرة في المحكمة “المنوفي لا يلوفي ولو أكل لحم الكتوفي”، ليتم تحويرها بعد ذلك للدلالة على قلة الأصل والندالة، وتصير مثلًا شعبيًا.
ياما جاب الغرب لامه
كشفت إحدى الدراسات المختصة بسلوك وتصرفات الغربان وطريقة حياتها، أنها تحب كل الأشياء التي تصدر بريقًا مع أشعة الشمس، وأن لكل غراب مخزن سري خاص به والذي من الممكن أن يكون فتحة في شجرة، أو تحت سقف أحد الأبراج القديمة، أو خلف حجر في كوبري، وتمكن أحد أعضاء فريق الدراسة البحثية أن يصل لمخزن أحد الغربان، ليجد به قطعة مكسورة من مرآة و يد فنجان، وقطعة صفيح وأخرى معدنية، و أشياء أخرى تافهة لا تمثل أي قيمة سوى أنها تصدر بريقا ولمعانا في الشمس، ومن هنا جاء المثل القائل “ياما جاب الغراب لامه” للتعبير عن كل من يشتري أو يجلب شيء لا قيمة له ولا فائدة.
رجعت ريمة لعادتها القديمة
المثل يعود أصله لقصة حليمة زوجة حاتم الطائي الذي عرف بشدة الكرم ، وهي اشتهرت بالبخلالشديد، وكانت إذا أرادت أن تضع سمنا في الطبخ، أخذت الملعقة ترتعش وتهتز في يدها من شدة بخلها، فأراد حاتم أن يعلمها الكرم مثله فقال لها “إن الأولين كانوا يقولون إن المرأة حين تضع ملعقة من السمن في طنجرة، أي إناء الطبخ، زاد الله في عمرها يوما”، فأخذت حليمة تزيد من ملاعق السمن حين تعد الأكل حتى أصبح طعامها جيدًا وتعودت يدها على الكرم، ولكن بعد أن مات ابنها الوحيد الذي كانت تحبه أكثر من حبها لنفسها، حزنت حزنا شديدا حتى تمنت الموت، لتعود وتقلل من وضع ملاعق السمن في الطبخ مرة أخرى كي ينقص عمرها وتموت، ليقول الناس بعدها، رجعت حليمة لعادتها القديمة، وهي الجملة التي تم تحريفها على مر الزمن لتصبح “عادت ريمة لعادتها القديمة”.