ما هو الشعر العذرى؟
قبل التطرق للمقصود بـ الشعر العذرى بكل عام، فإنه لابد من لفت النظر إلى أنه قد اختلف عدد كبير من النقاد والباحثون وكبار الأدباء حول تعريف الشعر العذرى تعريف جامع مانع.
بعض من هؤلاء الباحثون اتجه إلى إرجاع الشعر العذرى إلى أنه رافد من روافد الشعر والذي سُمي بهذا اللقب نسبة إلى قبيلة (بني عُذرة)، التي ظهرت في اعصر الجاهلي، وانتشر نها أن أبناؤها استموا بالحب والعشق الجنوني للمحبوب، حتى يكاد الفرد منهم يموت عشقًا في المحبوب.
وقد استقر هؤلاء على أن هذا النوع من الشعر هو ذلك الفن الضذي يجسد ويصور مدى حب وعشق وهيام المحب بمحبوبه وذلك دون التطرق إلى ذكر مفاتنها وانه كذلك مبمثابة الحب المجرد من شهوة جنسية او مادية.
بينما ذهب البعض الأخر إلى وصف الشعر العذرى على انه ذلك الفن الذي يعبر عن الحب الطاهر النقي المجرد من شيء يعتبر متدني يقلل من قديسة تلك المشاعر الصادقة بين الطرفين، فهو لا يهتم على الإطلاق المفاتن الجسدية، فهو حب الروح دون غيرها من المفاتن الأخرى.
كيف عرف الأصمعي الشعر العذرى؟
العراقي عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، وكنيته الأصمعي، كان ولا يزال واحدًا من أشهر أئمة وعلماء اللغة والشعر والبلدان في العالم العربي قديمًا وحديثًا.
ولد الأصمعي في البصرة -إحدى مدن العراق- وتوفي كذلك في موطن نشأته.
فقد استلهم الأصمعي تجربته الشخصية الصادقة في حبه وولعه بمحبوبته ليجسد لنا معنى وتعريف الحب العذري على أنه كل شعر صاديق يرقى ويسمو بالمشاعر والأحاسيس بعيدًا تمامًا عن الغرائز والشهوات، هو الحب الذي يخاطب الروح وينشد جمالها وسجيتها دون الرغبات المادية الزائلة، وذلك حين قال في واحدة من أشهر أقواله عبر العصور: «أُمتِّع عينيَّ من وجهها، وسمعي من حديثها، وأستُر منها ما يحرُم كشفُه إلا عند حلِّه».
مميزات الشعر العذرى
يتسم الشعر العذرى بعدد من الخصائص اتي تميزه عن غيره من الفنون الشعرية الأخرى، وذلك إلى جانب أهم ما يتسم به وهو يسوده المشاعر الراقية السامية، ولعل أهم تلك المميزات ما يلي:
العفة في وصف المحبوبة
يدور لُب موضوع لقصيدة العذرية حول عاملين أساسيين وهما مشاعر الحبيب والمحبوبة فقط لا غير، حيث يسرد الشاعر في هذا الفن الشعري في وصف محاسن وأخلاق المحبوبة ومن ثم يصف لوعته وشوقه القاتل، ولكن دون الدخول في ذك ووصف مفاتن الجسد أو المفاتن الحسية.
الإكتفاء بمحبوبةٍ واحدة دون سواها
في هذه الحالة يستغني الشاعر عن كافة الفتيات ويكتفي بمحبوبته دون غيرها من النساء ليبدأ في تكريس كل أعماله الفنية والأدبية والشعرية لها والحديث عن شدة حبه وولعه ومشاعره نحوها، فنتيجة لذلك كان هناك عد من الشعراء الذين سموا على أسماء محبوباتهم، مثل جميل بثينة وكثيِّر عزة.
المعاناة الشعرية
دائمًا ما يغلب على الشعر العذرى طابع المعاناه والمأساة التي يتحدث عنها الشعر العذرى كثيراً في إبداعته، حيث يريد أن يصف لمحبوبته مدى المعاناة من فراق المحبوبة، كما يغلب عليه أيضًا مناجاة المحبوبة طوال الوقت بأن تطلع على مدى حبه وشوقه ولوعته، وفي بعض الأحيان يرتفع مستوى المعاناة مع بعض هؤلاء الشعراء حتى ينتهي بهم الحال إلى الجنون والهروب تمامًا من الحياة زالبشر في أماكن بعيدة تمامًا في الصحاري، ولعل من أشهر هذه القصص قصة مجنون ليلى (قيس بن الملوح).