من منا لم يبحث يوما على مواقع الانترنت عن شعر عن أهل البيت ؟ وقد استفاض الكثير من الشعراء في الحديث عن مناقب ومكارم أهل البيت. لكن قبل استعراض أشهر ما كتب الشعراء عن أهل البيت، سنتحدث عن من هم أهل البيت؟
من هم أهل البيت؟
وأهل البيت أو آل البيت، هم أهل النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم، من أقاربه وعائلته رضي الله عنهم. ولأهل البيت مكانة عظمى في نفوس المسلمين أجمعين. وقد كرمهم الله عز وجل بذكرهم في كتابه العزيز.
ففي سورة الأحزاب، قال تعالى: ” إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا”. وقد كتب العديد من الشعراء في محبة أهل البيت، وهناك شعر عن أهل البيت يملأ كتبا عديدة، سنعرض بعضها اليوم في هذا الموضوع.
شعراء أهل البيت
المقصود بقولنا ” شعر عن أهل البيت ” هو ما نظمه الشعراء من أبيات وقصائد تمتدح أهل البيت وتجلهم وتنزلهم مكانتهم. كما أن المقصود بـ” شعر عن أهل البيت ” لا يقتصر فقط على قصائد و أبيات المدح فقط، هناك قصائد كتبت لرثاء أهل بيت النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم – مثلما ما حدث مع أهل البيت الذين قضوا نحبهم في أحداث الفتنة الكبرى.
ولا يقتصر شعر أهل البيت على عصر أدبي بعينه، فكل العصور الأدبية تمتلئ بشعراء نظموا أبياتا وقصائد في أهل البيت، سواء في العصر الأموي أو العباسي وغيرهما من عصور الأدب العربي.
ومنذ أحداث الفتنة الكبرى، اهتم الشعراء بنظم القصائد والأبيات عن أهل البيت، سواء للمدح أو الرثاء كما أشرنا. ومن أشهر شعراء أهل البيت الذين كتبوا القصائد عنهم الشاعر الشريف الرضي، والشاعر دعبل الخزاعي، والشاعر السيد الحميري والشاعر الكميت الأسدي، وغيرهم الكثير بالطبع.
شعر عن أهل البيت
سنعرض الآن بعض ما كتب من شعر عن أهل البيت كتبه الشعراء السابق ذكرهم:-
الشاعر الكميت الأسدي
هو من شعراء الكوفة في العراق، واسمه الكميت بن زيد الأسدي يُكنّى بأبي المستهل، ويلقب بشاعر الهاشميين. ينتمي الكميت إلى العصر الأموي، ويعد واحدا من أشهر الشعراء الذين نظموا شعر عن أهل البيت.
وقد كتب الكميت مجموعة من القصائد تعرف باسم “الهاشميات”، وهي قصائد للرثاء. ويرثى الكميت في “الهاشميات” أهل البيت وينهاهم، وتحظى هذه القصائد بشهرة كبيرة جدا. ومن أشهر ما كتب الكميت في هذا السياق، القصيدة المعروفة باسم “البائية” نسبة إلى انتهاء كل أبياتها بحرف “الباء”. وسنعرض بعضا من أبيات هذه القصيدة المشهورة:
طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ ولاَ لَعِبَاً مني وذُو الشَّيبِ يَلعَبُ
ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ ولم يَتَطَرَّبنِي بَنضانٌ مُخَضَّبُ
وَلاَ أنَا مِمَّن يَزجرُ الطَّيرُ هَمُّهُ أصَاحَ غُرَابٌ أم تَعَرَّضَ ثَعلَبُ
ولا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً أمَرَّ سَلِيمُ القَرنِ أم مَرَّ أَعضَبُ
وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ
إلى النَّفَرِ البيضِ الذِينَ بِحُبِّهم إلى الله فِيمَا نَابَنِي أتَقَرَّبُ
بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي بِهِم ولَهُم أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ
خَفَضتُ لَهُم مِنّي جَنَاحَي مَوَدَّةٍ إلى كَنَفٍ عِطفَاهُ أهلٌ وَمَرحَبُ
وَكُنتُ لَهُم من هَؤُلاكَ وهَؤُلا مِجَنّاً عَلَى أنِّي أُذَمُّ وأُقصَبُ
وأُرمى وأرمي بالعَدَاوَةِ أهلَها وإنّي لأوذَى فِيهُم وأُؤَنَّبُ
َفَمَا سَاءَني قَولُ امرىءٍ ذِي عَدَاوةٍ بِعَوراء فِيهِم يَجتَدِينِي فَيَجدُبُ
فَقُل لِلذي في ظِلِّ عَميَاءَ جَونةٍ يَرى الجَورَ عَدلاً أينما النفسُ تَذهَبُ
بِأيِّ كِتَابٍ أَم بِأيَّةِ سُنَّةٍ تَرَى حُبَّهُم عَاراً عَلَيَّ وتَحسَبُ
أَأَسلَمُ ما تَأتِي بِهِ من عَدَاوَةٍ وَبُغضٍ لَهُم لاَجَيرِ بَل هو أشجَبُ
فَمَا لِيَ غلاّ آلَ أحمدَ شيعةٌ وَمَا لِيَ إلاَّ مَشعَبَ الحَقِّ مَشعَبُ
وَمَن غَيرَهُم أرضَى لِنَفسِيَ شِيعَةً ومن بَعدَهُم لا مَن أُجِلُّ وأُرجَبُ
أُرِيبُ رِجَالاً منهم وتُرِيبُني خَلاَئقُ مِمَّا أَحدَثُوا هُنَّ أَريَبُ
إلَيكُم ذَوِي آلِ النَّبِيّ تَطَلَّعَت نَوَازِعُ من قَلبِي ظِماءٌ وألبَبُ
فإنِّي عَن الأمر الذي تكرَهُونَهُ بِقَولي وَفِعلِي ما استَطَعتُ لأجنَبُ
يُشِيرُونَ بالأيدِي إليَّ وَقَولُهُم أَلاَ خَابَ هَذَا والمُشِيرُونَ أخيَبُ
فَطَائِفَةٌ قد أكفََرَتنِي بِحُبِّكُم وَطَائِفَةٌ قَالُوا مُسِيءٌ وَمُذنِبُ
فما سَاءَنِي تَكفِيرُ هَاتِيكَ مِنهُمُ ولا عَيبُ هاتِيكَ التي هِيَ أعيَبُ
يُعيبُونَنِي من خُبثِهِم وَضَلاَلِهم على حُبِّكُم بَل يَسخُرون وأعجَبُ
الشاعر دعبل الخزاعي
ومن الشعراء الذين لهم شعر عن أهل البيت أيضا، الشاعر دعبل الخزاعي. واسمه هو دعبل بن علي بن رزين الخزاعي، وكنيته هي “أبو علي”. وكان دعبل من الكوفة، لكنه عاش في بغداد.
والشاعر دعبل معروف بكونه شاعرا كثير الهجاء. وقد كان الشاعر دعبل على علاقة قوية جدا مع الشاعر المعروف البحتري. ومن شعر دعبل عن أهل البيت، قوله:
فَكَمْ حَسَراتٍ هَاجَهَا بمُحَسِّرٍ وقوفي يومَ الجمعِ من عرفاتِ!
أَلَم تَرَ للأَيَّامِ مَا جَرَّ جَوْرُها على الناسِ من نقصٍ وطولِ شتاتِ؟
فَكَيْفَ ومِن أَنَّى يُطَالِبُ زلفةً إلَى اللّهِ بَعْدَ الصَّوْمِ والصَّلَواتِ
سوى حبِّ أبناءِ النبيِّ ورهطهِ وبغضِ بني الزرقاءِ و العبلاتِ؟
ولم يكن ذلك هو كل ما كتبه دعبل من شعر عن أهل البيت ، فقد كتب أيضا:
سَـقــــياً ورَعــــياً لأيـّاِم الصَّبــابات أيـّـــامَ أرفـــلُ فــي أثــوابِ لـــذاتـي
أيامَ غـُصني رطيــبٌ، من لدونتـهِ أصبَُــو إلى غيـِر جــاراتٍ وكنــاتِ
دّع عـنكَ ذكـر زمانٍ فاتَ مطـلــبُهُ واقذِفْ برجلكَ عَن متن الجهالاتِ
واقصـِد بكُـلَّ مديــح ٍ أنت قائلــــهُ نحـوَ الهُـــداة ِ بنـي بيـتِ الكـرامــاتِ
الشاعر الشريف الرضي
من الشعراء المشهورين الذين كتبوا شعرا عن أهل البيت الشاعر الكامل محمد بن الحسين بن موسى. وهو الشاعر المُلقب بـ”الشريف الرضي” ويُكنى بأبي الحسن. وقد ولد الشريف الرضي في العام 969 ميلاديا.
الشريف الرضي من مواليد بغداد، وفيها عاش ومات أيضا. وقد كان الشريف الرضي من فقهاء بغداد، فهو شاعر شيعي فقيه. تتلمذ الشريف الرضي على يد معلمه الشيخ المفيد، وهو واحد من فقهاء الشيعة القدامى.
كتب الشريف الرضي شعرا عن أهل البيت، منه:
وَمَا المَدْحُ إلاّ في النّبيّ وَآلِهِ يرام وبعض القول ما يتجنبُ
وَأوْلى بِمَدْحي مَنْ أعِزُّ بفَخْرِهِ وَلا يَشْكُرُ النّعمَاءَ إلاّ المُهَذَّبُ
أرى الشعر فيهم باقياً وكأنما تُحَلِّقُ بالأشْعارِ عَنقَاءُ مُغرِبُ
وقالوا عجيب عجبُ مثلي بنفسهِ وأين على الأيام مثل أبي أبُ
لعمرك ما أعجبتُ إلَّا بمدحِهمْ وَيُحْسَبُ أنّي بالقَصَائِدِ مُعجَبُ
أُعدُّ لفخري في المقام محمدًا وَأدْعُو عَلِيّاً للعُلَى حينَ أرْكَبُ