هناك العديد من الشعراء الذين كتبوا قصائد في مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم- على مر العصور الأدبية المختلفة. فمنذ بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم – وحتى اليوم، لا يزال الشعراء يبدعون في كتابة قصائد في مدح الرسول.
وقد أنجز الشعراء خلال العصر النبوي أو في عصر الخلافة الراشدة، أو في العصرين الأموي والعباسي وما تلاهما، وحتى يومنا هذا، مئات من قصائد مدح الرسول.
الأدب الإسلامي
ويطلق هذا المصطلح على الأدب الذي ظهر في الفترة ما بين بعثة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم – وحتى تأسيس الدولة الأموي، أو ما يعرف في العصور الأدبية العربية بالعصر الأموي.
وقد شهدت تلك الفترة العديد من فنون الأدب المختلفة، والتي اشتهر بها العرب حتى قبل الإسلام. وفد ازدهر فن النثر كثيرا بعد ظهور الإسلام، كما واصل الشعر المضي قدما في مكانته بين العرب.
وكتب شعراء هذه الفترة قصائد في مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – يطلق عليها البعض اسم المدائح النبوية. وهي عبارة عن قصائد في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم – كتبها العديد من الشعراء في هذه الفترة.
وقد أطلق علماء اللغة العربية على هؤلاء الشعراء اسم شعراء الرسول -صلى الله عليه وسلم. وقد كتب هؤلاء الشعراء كما ذكرنا مجموعة قصائد في مدح الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- نستعرض بعضها في هذا التقرير.
قصائد في مدح الرسول
كتب شعراء العصر الإسلامي عدة أبيات وقصائد في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- مدحا له وثناء عليه ودفاعا عنه من ألسنة المشركين. وكان من أشهر هؤلاء الشعراء سيدنا حسان بن ثابت -رضي الله عنه – أشهر من لُقب بشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم – وسيدنا عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه – وسيدنا كعب بن زهير – رضي الله عنه.
ونستعرض الآن مجموعة مما كتب هؤلاء الشعراء من قصائد في مدح الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – مادحين له ومدافعين عنه من ألسنة الكفار.
حسان بن ثابت
يعد سيدنا حسان بن ثابت -رضي الله عنه- أشهر من لقب بشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وله عدة أبيات و قصائد في مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم- منها:
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خلقتَ مبرًّأ منْ كلّ عيبٍ كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ
كما قال سيدنا حسان بن ثابت أيضا في مدح النبي المصطفى – صلى الله عليه وسلم- :
أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة خَاتَمٌ مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ
وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمَّدُ
نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَةٍ منَ الرسلِ، والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ
فَأمْسَى سِرَاجاً مُسْتَنيراً وَهَادِياً يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ
وأنذرنا ناراً، وبشرَ جنةً وعلمنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ
وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي بذلكَ ما عمَّرتُ في الناسِ أشهدُ
تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا سِوَاكَ إلهًا، أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ
لكَ الخلقُ والنعماءُ، والأمرُ كلهُ فإيّاكَ نَسْتَهْدي، وإيّاكَ نَعْبُدُ
عبدالله بن رواحة
كان سيدنا عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه- من الذين جمعوا بين جهاد السيف وجهاد الكلمة. ولـشهيد غزوة “مؤتة”، سيدنا عبد الله بن رواحة، عدة أشعار و قصائد في مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم- منها قوله:
إني تفرست فيك الخير أعرفه فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهم في جل أمرك ما آووا وما نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
أنت الرسول فمن يحرم نوافله والوجه منه فقد أزرى به القدر
كعب بن زهير
كان كعب بن زهير – رضي الله عنه- من شعراء الجاهلية المعروفين، وهجا النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرا. أهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمه، فذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طالبا الأمن.
أسلم وكان من الشعراء المدافعين عن الإسلام ونبيه الكريم – صلى الله عليه وسلم. ومن أشهر ما قاله من قصائد في مدح الرسول -صلى اله عليه وسلم- قصيدته الشهيرة والمعروفة بـ”اللامية” التي مطلعها “بانت سعاد”
وقال فيها كعب -رضي الله عنه- :
يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ
وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ
فَقُلتُ خَلّوا سبيلي لا أَبا لَكُمُ فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ
كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ الـ ـقُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم أُذِنبْ وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ
لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ
لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ
مازِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعًا جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ
حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ
لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ
مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ
يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ
إذا يُساوِرُ قِرناً لا يَحِلُّ لَهُ أَن يَترُكَ القِرنَ إِلّا وَهُوَ مَفلولُ
مِنهُ تَظَلُّ حَميرُ الوَحشِ ضامِرَةً وَلا تُمَشّي بِواديهِ الأَراجيلُ
وَلا يَزالُ بِواديِهِ أخَو ثِقَةٍ مُطَرَّحُ البَزِّ وَالدَرسانِ مَأكولُ
إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ