دائمًا يختلف النقاد حول شخصية “شاعر العربية” ومن يفوز بهذا اللقب، ولكن في أي مقارنة إن لم يكن أبو الطيب المتنبي فائزًا بها فسيكون طرفًا فيها.
من هو أبو الطيب المتنبي ؟
أبو الطيب المتنبي هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي، (303هـ – 354هـ) (915م – 965م) وُلد في الكوفة، ونسب إلى قبيلة كندة نظراً لولادته فيها، وهو من أعظم شعراء العرب لتمكنه من اللغة العربية وعلمه بقواعدها ومفرداتها، وهو نادرة زمانه وفريد عصره، لذلك بقى شعره إلى الآن مصدرًا لإلهام الشعراء والأدباء، وقد نظم الشعر وهو في عمر التسع سنوات، وعرفه عنه ذكائه الشديد وكبريائه وطموحه ولذلك كان الكثير من شعره حول الفخر بنفسه.
ويقال في سبب تسمية المتنبي بهذا الإسم أنه ادعى النبوة في منطقة بادية السماوة، وعندما ذاع صيته وفضح أمره قام لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيد بأسره وبعد ذلك تاب وأطلق سراحه، وبعد فترة من الزمن قام بملازمة الأمير سيف الدولة الحمداني وقام بمدحه والثناء عليه فقربه منه، وأعطاه العطايا والجوائز، إلا أن النقاد العرب يرون أن المتنبي برئ من تهمة إدعاء النبوة نظرًا لرجاحة عقله واتساع أفقه الذي لا يدفعه لارتكاب هذا الخطأ، ولذلك فهو كان يكره هذا اللقب إلا أنه لم يشتهر بغيره.
شعر أبو الطيب المتنبي
نظم المتنبي الشعر في مجالات متعددة كالحكمة والفلسفة ووصف المعارك ومدح الأمراء والملوك، ورغم ذلك فإنه شعره بعيد عن التكلف والتصنع لقدرته على تطويع اللغة العربية، واستطاع وصف الحياة في القرن الرابع الهجري بشكل دقيق.
وترك المتنبي تراثًا شعريًا كبيرًا يصل لنحو 326 قصيدة، ولعل أكثر ما يميز شعره هو الخيال القوي والخصب، وقد تجلى ذلك واضحًا من خلال ألفاظه الجزلة، وعباراته الرصينة والتي تلائم قوة روحه، ومعانيه القوية، ولذلك فقصائد المتنبي كلها لطيفة وجميعها يجمع الحكمة والبلاغة وجمال الصور ودقة التعبير، ولمكانة المتنبي الكبيرة فإن بعض الشعراء عندما يستطيعون نظم الشعر الجيد يطلق عليهم لقب متنبي العصر.
مقتل المتنبي
يعد قتل المتنبي من أسوأ ما يمكن أن يتعرض له شاعر في مكانته، فبرغم مكانته وما كان يصف به نفسه من قوة وشجاعة إلا أنه تم قتله وهو يحاول الهرب، رغم أنه صاحب البيت الشهير: “الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم”، ويعود سبب مقتله إلى هجاءه لضبة بن يزيد الأسدي العيني بقوله: ” ما أنصف القوم ضبة وأمه الطرطبة وإنما قلت ما قلت رحمة لا محبة، ولذلك تربص له ضبة واستطاع خاله فاتك بن أبي جها الأسدي قتله وقتل ابنه محمد وأيضًا قتل غلامه بالقرب من بغداد خلال عودة المتنبي للكوفة.