هناك العديد من الأبيات والقصائد التي يمكن أن تصنف على أنها من أجمل أشعار حافظ إبراهيم. ويمتاز شعر حافظ إبراهيم بقوة الألفاظ التي يستخدمها في التعبير في قصائده. وقبل أن نتعرض لمجموعة من أجمل أشعار حافظ إبراهيم فإننا سنقدم نبذة مختصرة عنه أولا.
نبذة عن حافظ إبراهيم
اسمه هو محمد حافظ، ووالده اسمه إبراهيم، ويعرف بـ حافظ إبراهيم. ويلقب الشاعر الراحل حافظ إبراهيم بـ” شاعر النيل”، وكذلك له لقب آخر، ألا وهو شاعر الشعب. وقد نال حافظ إبراهيم لقب شاعر الشعب لاهتمامه بهموم الفقراء ومشاكل الشعب.
وحافظ إبراهيم من مواليد يوم 24 من شهر فبراير لعام ألف وثمانمائة واثنين وسبعين ميلاديا (1872 م). وهو من مواليد محافظة أسيوط في صعيد مصر.
ويصنف الشاعر حافظ إبراهيم على أنه واحد من أشهر شعراء العصر الحديث. وهو ينتمي إلى مدرسة الإحياء الشعرية. ومن أهم ما يعرف عن حافظ إبراهيم أن كان لديه موقفا مشرفا ضد الاحتلال وينتصر للقضايا العربية.
وفي يوم 21 من شهر يونيو لعام ألف وتسعمائة واثنين وثلاثين ميلادية، انتقل الشاعر حافظ إبراهيم إلى جوار ربه. وترك لنا إرثا شعريا كبيرا.
حافظ إبراهيم والشعر
جاء ارتباط حافظ إبراهيم بالشعر، من خلال عمله في مكتب محمد أبو شادي، الذي كان من قادة ثورة 1919. وخلال عمله، تمكن حافظ إبراهيم من الاطلاع على أعمال أدباء وشعراء كبار. غير أن أكثر الشعراء الذين أعجب بهم حافظ إبراهيم كان الشاعر محمود سامي البارودي.
وفي عام 1911 ميلادية، تم تعيين حافظ إبراهيم في دار الكتب. وظل حافظ إبراهيم بها حتى ترقى إلى منصب وكيل الدار. وكان منصب وكيل دار الكتب من المناصب المرموقة وقتها.
وكان شعر حافظ إبراهيم يمتاز بالقوة سواء في الألفاظ والتعبير أو تركيب الجمل. وكان حافظ إبراهيم يتخذ من شعره منصة للتعرض للقضايا المهمة في عصره. وكان يستخدم أسلوبه الشعري في عرض هذه القضايا بشكل يؤثر في نفوس المواطنين.
وشاعر النيل حافظ إبراهيم هو واحد من رموز وشعراء مدرسة الإحياء والبعث الشعرية. وهذه المدرسة كانت تهدف إلى إعادة إحياء القصيدة العربية على شكلها القديم. كما كان من الذين اتخذوا من شعره وسيلة لمواجهة الاستعمار وبث الروح الوطنية.
بعد وفاة حافظ إبراهيم، تم تجميع كل إرثه الشعري، وجرى إصداره في ديوان حمل اسمه. وصدر الديون في جزئين، أولهما يضم قصائد حافظ إبراهيم الخاصة بالمدح والتهاني و الاجتماعيات والوصف. وضم الجزء الثاني إرثه السياسي والوطني وقصائد الشكوى والرثاء.
أجمل أشعار حافظ إبراهيم
من الصعب أن نحدد أي مما كتب شاعر النيل على أنه من أجمل أشعار حافظ إبراهيم . لكن سنحاول هنا أن نلقي الضوء على بعض قصائده المميزة.
من قصيدة ما لهذا النجم في السحر
يقول حافظ إبراهيم في هذه القصيدة التي تعد من أجمل أشعار حافظ إبراهيم :
ما لهذا النَّجْم في السَّحَرِ قد سَها مِنْ شِدّة السَّهَرِ
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِي إنْ جَفاني مُؤْنِسُ السَّحَرِ
يا لِقَوْمي إنّني رَجُلٌ أَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري
أَسْهَرَتْنِي الحادِثاتُ وقد نامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ
والدُّجَى يَخْطُوعلى مَهَلٍ خَطْوَ ذي عِزٍّ وذي خَفَرِ
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِي كحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ
وأَثارَتْ بي فَوادِحُه كامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لا يَنْقَضي أو يَنْقَضي عُمُري
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْ تَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ
لِي حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُ صُورَة مِن أَبْدعِ الصُّورِ
أَتَلاشَى في مَحَبّتِه كتَلاشِي الظِّلِّ في القَمَرِ.
قصيدة مرضنا وما عادنا عائد
ومن أجمل أشعار حافظ إبراهيم هذه القصيدة التي قال فيها:
مَرِضْنا فما عادَنا عائِدُ ولا قِيلَ أينَ الفَتَى الأَلْمَعي
ولا حَنَّ طرْس إلى كاتِبٍ ولا خَفَّ لَفْظٌ على مِسْمَعِ
سَكَتْنا فعَزَّ علينا السُّكوت وهانَ الكلامُ على المُدَّعِي
فيا دَوْلَة آذَنَتْ بالزوال رَجَعْنَا لعَهْدِ الهَوَى فارْجِعي
ولا تَحسِبِينا سَلَوْنا النَّسِيب وبين الضُّلُوعِ فؤادٌ يَعي
قصيدة لم يبق شيء في الدنيا بأيدينا
لَم يَبْقَ شَىء مِن الدُّنْيا بأَيْدِينا إلاّ بَقِيّة دَمْعٍ في مآقِينَا
كنّا قِلادَة جِيدِ الدَّهْرِ فانفَرَطَتْ وفي يَمينِ العُلا كنّا رَياحِينا
كانت مَنازِلُنا في العِزِّ شامِخة لا تُشْرِقُ الشَّمسُ إلاّ في مَغانينا
وكان أَقْصَى مُنَى نَهْرِالمَجَرَّة لو مِن مائِه مُزِجَتْ أَقْداحُ ساقِينا
والشُهْب لو أنّها كانت مُسَخرَّة لِرَجْمِ من كانَ يَبْدُو مِن أَعادِينا
فلَم نَزَلْ وصُرُوفُ الدَّهرِ تَرْمُقُنا شَزْراً وتَخدَعُنا الدّنيا وتُلْهينا
حتى غَدَوْنا ولا جاهٌ ولا نَشَبٌ ولا صديقٌ ولا خِلٌّ يُواسِينا