أجمل ما كتب أوس بن حجر

3 سبتمبر 2024
أجمل ما كتب أوس بن حجر

يذخر العصر الجاهلي بالعشرات من الشعراء المبدعين الذين قدموا أعمالا خالدة. واليوم سنعرض مجموعة من أجمل ما كتب أوس بن حجر التميمي. ومن المعروف عن العصر الجاهلي أنه شهد فترة ازدهار كبرى للشعر العربي. وقد لنا الرب في العصر الجاهلي أسماء لامعة لشعراء عظام، الشاعر التميمي منهم أوس بن حجر. وسنتحدث معكم اليوم عن مجموعة من أجمل ما كتب أوس بن حجر من أبيات وقصائد شعرية. لكن قبل أن نخوض في ذلك، سوف نتكلم في نبذة مختصرة عن الشاعر أوس بن حجر.

من هو أوس بن حجر؟

هو أوس بن حجر بن مالك المازني العمروي التميمي، شاعر مضر، ويكنى بـ”أبي شريح”. وهو من أشهر شعراء قبيلة تميم في الجاهلية، ويعد واحدا من كبار شعراء تميم بل والعصر الجاهلي أيضا. والده هو حجر بن مالك. وأوس هو زوج أم الشاعر زهير بن أبي سلمى.

والشاعر أوس بن حجر من مواليد العام خمسمائة وثلاثين ميلادية (530 م)، قبل الهجرة بحوالي خمسة وتسعين عاما. وكان أوس معروف بحبه للسفر والترحال باستمرار، لكنه أقام لفترات طويلة لدى عمرو بن هند في الحيرة.

عاش أوس بن حجر عمرا طويلا، حيث مات في العام ستمائة وعشرين ميلادية (620 م)، عن عمر ناهز 90 عاما.

شعر أوس بن حجر

قبل أن نعرض أجمل ما كتب أوس بن حجر من أشعار، سنتعرف قليلا عليه كشاعر وعلى شعره. فقد صنفه “ابن سلام” ضمن الطبقة الثانية لشعراء العصر الجاهلي. بينما قال الأصفهاني في كتابه الشهير “الأغاني” إنه من الطبقة الثالثة. ووفقا لكتاب الأغاني، فقد ورد أوس بن حجر مقترنا بالحطيئة، شاعر بني جعدة ونابغتهم.

أما عن أسلوب شعر أوس بن حجر، فإن يتسم بالرقة والعذوبة والحكمة. ولعل هذا ما جعل تميم تفضله عن غيره وتميزه عن كل شعراء العرب. ووصفه صاحب كتاب الأغاني بأنه “كان فحل الشعراء، ولما نشأ النابغة طأطأ منه”.

وكان أوس بن حجر من شعراء الغزل المولعين بالنساء، وساعده في ذلك عذوبة ورقة أسلوبه. ومن أجمل ما كتب أوس بن حجر من أشعار، هذا البيت الشهير:

وقد رام بحري قبل ذلك طامياً                من الشعراء كل عود ومقحم

أجمل ما كتب أوس بن حجر

سنعرض الآن مجموعة من أجمل ما كتب أوس بن حجر من أبيات وقصائد شعرية.

صبوتَ وهل تصبُو ورأسكَ أشيبُ

تعتبر هذه القصيدة واحدة من أجمل ما كتب أوس بن حجر من شعر، ويقول فيها:

صبوتَ وهل تصبُو ورأسكَ أشيبُ

وَفَاتَتْكَ بِالرَّهْنِ المُرَامِقِ زَينَبُ

وغيرَها عنْ وصلها الشيبُ إنهُ

شَفيعٌ إلى بِيضِ الخُدورِ مُدَرّبُ

فَلَمّا أتى حِزّانَ عَرْدَة َ دُونَهَا

ومِنْ ظَلَمٍ دون الظَّهيرَة ِ مَنْكِبُ

تَضَمّنَها وارْتَدّتِ العَيْنُ دونَهَا

طريقُ الجواءِ المستنيرُ فمذهبُ

وصبّحنَا عارٌ طويلٌ بناؤهُ

نسبُّ بهِ ما لاحَ في الأفقِ كوكبُ

فلمْ أرَ يوماً كانَ أكثرَ باكياً

ووجهاً تُرى فيهِ الكآبة ُ تجنبُ

أصَابُوا البَرُوكَ وابنَ حابِس عَنْوَة ٌ

فَظَلّ لَهُمْ بالْقاعِ يوْمٌ عَصَبصَبُ

وإنّ أبَا الصّهْبَاءِ في حَوْمة ِ الوَغَى

إذا ازورّت الأبطالُ ليثٌ محرّبُ

ومثلَ ابنِ غنمِ إنْ ذحولٌ تذكرتْ

وقَتْلى تَياسٍ عَنْ صَلاحٍ تُعَرِّبُ

وَقَتْلى بِجَنْب القُرْنَتَيْنِ كَأنّهَا

نسورٌ سقاهَا بالدّماءِ مقشّبُ

حلفتُ بربِّ الدّامياتِ نحورُها

وما ضمّ أجمادُ اللُّبينِ وكبكبُ

أقُولُ بِما صَبّتْ عَليّ غَمامتي

وجهدي في حبلِ العشيرة ِ أحطبُ

أقولُ فأمّا المنكراتِ فأتّقِي

وأمّا الشّذا عنّي المُلِمَّ فَأشْذِبُ

بَكيْتم على الصُّلحِ الدُّماجِ ومنكمُ

بِذي الرِّمْثِ من وادي تَبالة َ مِقْنَبُ

فَأحْلَلْتُمُ الشَّرْبَ الذي كان آمِناً

محلاً وخيماً عُوذُهُ لا تحلّبُ

إذا مَا عُلوا قالوا أبونَا وأُمُّنَا

وليس لهم عالينَ أمّ ولا أبُ

فتحدرُكُمْ عبسٌ إلينَا وعامرٌ

وترفعُنا بكرٌ إليكم وتغلبُ

 

حَلَّتْ تُمَاضِرُ بَعْدَنَا رَبَبا

أيضا، من أجمل ما كتب أوس بن حجر قصيدة حلت تماضر، التي يقول فيها:

حَلَّتْ تُمَاضِرُ بَعْدَنَا رَبَبا

فالغمرَ فالمرّينِ فالشُّعبَا

حَلّتْ شَآمِيَة ً وَحَلَّ قَساً

أهْلي فَكَانَ طِلابُهَا نَصَبَا

لحقَتْ بأرضِ المنكرينَ ولمْ

تمكنْ لحاجة ِ عاشقٍ طلبَا

شَبّهْتُ آياتٍ بَقِينَ لَهَا

في الأوَّلِينَ زَخارِفاً قُشُبَا

تَمْشي بِهَا رُبْدُ النّعامِ كمَا

تَمْشي إمَاءٌ سُرْبِلَتْ جُبَبَا

ولَقَدْ أرُوغُ على الخلِيلِ إذا

خانَ الخلِيلُ الوَصْلَ أوْ كذَبا

بِجُلالَة ٍ سَرْحِ النَّجاءِ إذا

آلُ الجفاجفِ حولَها اضطربَا

وَكَسَتْ لَوَامِعُهُ جَوَانِبَهَا

قُصصاً وكانَ لأكمِها سببَا

خلَطَتْ إذا ما السّيرُ جَدّ بها

مَعْ لِينِها بِمِرَاحِها غَضَبَا

وكأنَّ أقتادي رميتُ بهَا

بَعْدَ الكَلالِ مُلَمّعاً شَبَبَا

منْ وحشِ أنبطَ باتَ منكرساً

حَرِجاً يُعالِجُ مُظلِماً صَخِباَ

لَهَقاً كأنّ سَرَاتَهُ كُسِيَتْ

خرزاً نقَا لمْ يعدُ أنْ قشُبَا

حتى أتيحَ لهُ أخُو قنصٍ

شهمٌ يُطرّ ضوارياً كشُبَا

يُنْحي الدّماءَ عَلى تَرَائِبِهَا

والقدَّ معقوداً ومنقضِبَا

فذأونَهُ شرفاً وكُنّ لهُ

حَتّى تُفَاضِلَ بَيْنَهَا جَلَبَا

حتى إذا الكلابُ قالَ لهَا

كاليومِ مطلوباً ولا طلبَا

ذكر القِتالَ لها فراجعَها

عن نفسِه ونفوسَها ندبَا

فنَحا بشرّتِهِ لسابقِها

حتى إذا ما روقُهُ اختضبَا

كرهَتْ ضواريهَا اللّحاقَ بِه

متباعداً منْها ومقتربَا

وانقَضّ كَالدِّرِّيء يَتْبَعُهُ

نَقْعٌ يَثُورُ تَخَالُهُ طُنُبَا

يخفَى وأحياناً يلوحُ كمَا

رفعَ المنيرُ بكفهِ لهبَا

أبَني لُبَيْنى لمْ أجِدْ أحَداً

في النّاسِ ألأمَ مِنكُمُ حَسَبَا

وأحقَّ أنْ يرمى بداهية ٍ

إنَّ الدّواهي تطلُعُ الحدبَا

وإذا تُسوئلَ عنْ محاتدكُمْ

لمْ تُوجدوا رأساً ولا ذنبَا

 

ألم تُكسَفِ الشمسُ وَالبدْرُ

ويقول في هذه القصيدة:

ألم تُكسَفِ الشمسُ وَالبدْرُ وَالْـ

ـكَوَاكِبُ للْجَبَلِ الْوَاجِبِ

لفقدِ فضالَة َ لا تستوي الــ

ـفُقودُ ولا خلّة ُ الذّاهبِ

ألَهْفاً على حُسْنِ أخْلاقِهِ

عَلى الجَابِرِ العَظْمِ وَالحارِبِ

عَلى الأرْوَعِ السَّقْبِ لَوْ أنّهُ

يقومُ عَلى ذِرْوَة ِ الصّاقِبِ

لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقَ الحَصَى

كَمَتْنِ النبيّ منَ الكَاثِبِ

ورقبتهِ حتَماتِ الملُو

كِ بينَ السُّرادقِ والحاجبِ

ويكفي المقالة َ أهلَ الرّجا

لِ غَيْرَ مَعِيبٍ ولا عَائِبِ

ويحبو الخليلَ بخيرِ الحبا

ءِ غَيْرَ مُكِبٍّ وَلا قَاطِبِ

برأس النّجيبة ِ والعبدِ والــ

ـوليدَة ِ كالجُؤذُرِ الكاعبِ

وبالأُدْمِ تُحْدَى عليها الرِّحا

لُ وبالشّولِ في الفلقِ العاشبِ

فمنْ يكُ ذا نائلٍ يسعَ منْ

فضالة َ في أثرٍ لاحبِ

نجيحٌ مليحٌ أخو مأقطٍ

نِقابٌ يُحَدِّثُ بالْغائِبِ

فأبرحتْ في كلّ خيرٍ فما

يُعَاشِرُ سَعْيَكَ مِنْ طالِبِ

 

ودّعْ لميسَ وداعَ الصّارمِ اللاحِي

وتعتبر قصيدة “ودع لميس” من أشهر و أجمل ما كتب أوس بن حجر من أشعار، ويقول في هذه القصيدة:

ودّعْ لميسَ وداعَ الصّارمِ اللاحِي

إذْ فنّكتْ في فسادٍ بعدَ إصْلاحِ

إذْ تستبيكَ بمصقولٍ عوارضُهُ

حمشِ اللّثاتِ عذابٍ غيرِ مملاحِ

وقدْ لهوتُ بمثلِ الرّثمِ آنسة ٍ

تُصْبي الحليمَ عَرُوبٍ غير مِكْلاحِ

كأنّ رِيقَتَها بعد الكَرَى اغْتَبَقَتْ

من ماءِ أصْهَبَ في الحانوتِ نَضّاحِ

أوْ منْ معتّقة ٍ ورهاءَ نشوتُها

أوْ منْ أنابيبِ رمّانٍ وتفّاحِ

هبّتْ تلومُ وليستْ ساعة َ اللاحي

هلاّ انتظرتِ بهذا اللّومِ إصباحي

إنْ أشْرَبِ الخَمْرَ أوْ أُرْزَأ لها ثمَناً

فلا محالَة َ يوماً أنّني صاحي

ولا محالَة َ منْ قبرٍ بمحنية ٍ

وكفنٍ كسرَاة ِ الثورِ وضّاحِ

دَعِ العَجوزَيْنِ لا تسمعْ لِقِيلهما

وَاعْمَدْ إلى سيّدٍ في الحيّ جَحْجاحِ

كانَ الشّبابُ يلهِّينا ويعجبُنَا

فَمَا وَهَبْنا ولا بِعْنا بِأرْبَاحِ

إنّي أرقتُ ولمْ تأرقْ معِي صاحي

لمستكفٍّ بعيدَ النّومِ لوّاحِ

قد نمتَ عنّي وباتَ البرقَ يُسهرني

كما استْتَضاءَ يَهوديٌّ بِمِصْباحِ

يا منْ لبرقٍ أبيتُ اللّيلَ أرقبُهُ

في عارِضٍ كمضيءِ الصُّبحِ لمّاحِ

دانٍ مُسِفٍّ فوَيقَ الأرْضِ هَيْدبُهُ

يَكادُ يَدفَعُهُ مَن قامَ بِالرّاحِ

كَأنّ رَيِّقَهُ لمّا عَلا شَطِباً

أقْرَابُ أبْلَقَ يَنْفي الخَيْلَ رَمّاحِ

هبّتْ جنوبٌ بأعلاهُ ومالَ بهِ

أعجازُ مُزنٍ يسُحّ الماءَ دلاّحِ

فالْتَجَّ أعْلاهُ ثُمّ ارْتَجّ أسْفَلُهُ

وَضَاقَ ذَرْعاً بحمْلِ الماءِ مُنْصَاحِ

كأنّما بينَ أعلاهُ وأسفلِهِ

ريطٌ منشّرة ٌ أو ضوءُ مصباحِ

يمزعُ جلدَ الحصى أجشّ مبتركٌ

كأنّهُ فاحصٌ أوْ لاعبٌ داحي

فمَنْ بنجوتِهِ كمَنْ بمحفلِهِ

والمُستكنُّ كمَنْ يمشي بقرواحِ

كأنَّ فيهِ عشاراً جلّة ً شُرُفاً

شُعْثاً لَهَامِيمَ قد همّتْ بِإرْشاحِ

هُدْلاً مَشافِرُهَا بُحّاً حَنَاجِرهَا

تُزْجي مَرَابيعَها في صَحصَحٍ ضاحي

فأصْبَحَ الرّوْضُ والقِيعانُ مُمْرِعة ً

منْ بين مرتفقٍ منها ومُنطاحِ

وقَدْ أرَاني أمامَ الحيِّ تَحْملُني

جلذيّة ٌ وصلتْ دأياً بألواحِ

عَيْرانَة ٌ كَأتانِ الضّحْلِ صَلّبَهَا

جرمُ السّواديِّ رضّوهُ بمرضاحِ

سقَى ديارَ بني عوفٍ وساكنَهَا

وَدَارَ عَلْقَمَة ِ الخَيْرِ بنِ صَبّاحِ

 

لَعَمْرُكَ ما مَلّتْ ثَوَاءَ ثَوِيِّها

ويقول أوس بن حجر في هذه القصيدة:

لَعَمْرُكَ ما مَلّتْ ثَوَاءَ ثَوِيِّها

حليمة ُ إذْ ألقتْ مراسيَ مقعدِ

ولكنْ تلقّتْ باليدينِ ضمانَتي

وحلّ بشرجِم القبائلِ عودّي

وقد غبرَتْ شَهرَيْ رَبيعٍ كِلَيهما

بحملِ البلايا والحِباءِ الممدَّدِ

ولمْ تُلههِا تلكَ التكاليفُ إنّهَا

كما شئتَ من أكرومة ٍ وتخرُّدِ

هيَ ابنة ُ أعراقٍ كرامٍ نمينَها

إلى خُلُقٍ عَفٍّ بَرَازَتُهُ قدِ

سَأجزيكِ أو يَجزيك عَنّي مُثوِّبٌ

وقصرُك أن يُثْنَى عليكِ وتُحمَدي

فإنْ يُعطَ منّا القوْم نصبرْ وننتظرْ

مني عقبٍ كأنّها ظمْءُ موردِ

وإن نُعطَ لا نجهل ولا ننطق الخنا

ونَجْزِ القُروضَ أهْلَها ثمَّ نقصِدِ

لا تُظهرنْ ذمَّ امرىء ٍ قبلَ خُبرِه

وبعدَ بلاءِ المرْء فاذمُم أوِ احمَدِ