أثرت الثورة الرقمية على جميع جوانب حياتنا، بالنسبة للوكالات الحكومية يمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحسين الأعمال بين الإدارات، فضلاً عن تعميق العلاقات مع الشركات والمواطنين، مما سيؤدي إلى تعزيز وتبسيط تقديم الخدمات وخلق مواطنين أكثر استنارة ونشاطًا وجعل الحكومة أكثر مسؤولية وشفافية وفعالية.
تدعم الرقمنة كل جانب من جوانب حياتنا اليومية، حيث انتشرت التقنيات الرقمية (مثل الإنترنت والهواتف المحمولة وجميع الأدوات الأخرى لجمع المعلومات وتخزينها وتحليلها ومشاركتها رقميًا) بطريقة سريعة لنجد أنفسنا في خضم أعظم ثورة في مجال المعلومات والاتصالات في تاريخ البشرية.
وقد أدت جائحة كوفيد -19 التي تتطلب التباعد الاجتماعي وتدابير الحجر الصحي مثل الإغلاق، إلى تسريع دور الحكومة الإلكترونية في تقديم الخدمات الرقمية التقليدية وكذلك الجهود المبتكرة الجديدة في إدارة الأزمة، تضمن الحوكمة الإلكترونية تقديم الخدمات عن بُعد وبالتالي تقليل التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المرتبطة بتقديم الخدمات للجمهور.
بذلت الكثير من الدول بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) جهودًا للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) على مدار العقد الماضي، كما بُذلت جهود متضافرة لرقمنة الخدمات الحكومية (بشكل كامل أو محتمل) للجمهور.
تعريف الحوكمة الذكية
تعرّف IGI Global الحوكمة الذكية أو الحوكمة الإلكترونية الذكية على أنها “استخدام التكنولوجيا والابتكار لتسهيل ودعم اتخاذ القرار والتخطيط المعزز داخل الهيئات الإدارية”، غالبًا ما يرتبط بتحسين العمليات الديمقراطية وتحويل طرق تقديم الخدمات العامةK تم الاعتراف بأهمية الحوكمة الذكية كضرورة أساسية للمدن الذكية لأنها تخلق رابطًا قويًا بين الحكومة ومواطنيها.
لقد كان لكوفيد 19 تأثير مدوي على الحوكمة الذكية، في غضون السنوات القليلة الماضية أصبح التحول الرقمي جزءًا أساسيًا من العمليات الحكومية حيث أجبر السلطات المحلية على توفير حلول العمل عن بُعد، وقد أدى ذلك إلى خلق بيئة يمكن أن تنمو فيها الحوكمة الذكية، لقد بدأنا نشهد اتجاهًا نحو بنية موحدة تشجع على التكامل والابتكار السريع ومشاركة المعلومات عبر الأنظمة الأساسية والوكالات.
معوقات أو متطلبات الحوكمة الذكية
بعد استشارة الخبراء في هيئات صنع القرار في العديد من الدول، توصلنا إلى أن العديد من العناصر يمكن أن تعزز أو تمنع أو تشكل حواجز أمام حلول الحوكمة الذكية.
كما هو الحال مع كل شيء، تعتبر التكلفة عاملاً محددًا مهمًا في تنفيذ حل الحوكمة الذكية، يتبع ذلك عن كثب البنية التحتية والتكنولوجيا، توفر حلول الحكومة الذكية وفورات طويلة الأجل في التكاليف من خلال تبسيط الخدمات داخليًا أو خارجيًا.
مستوى المتعة: بعض القضايا لا تهم عامة الناس لذا فإن المشاركة قد تكون صعبة، أولاً، من المهم فقط استشارة الجمهور بشأن الأمور ذات الصلة بهم، حيث إن المشاركة غير مرجحة إلى حد كبير إذا كانت المسألة خارج نطاق الفرد العادي في المجتمع، ثانيًا، من خلال الاستفادة من وسائط المشاركة المرحة والمبتكرة تزداد احتمالية التبني.
الأمية: امتلاك المهارات اللازمة لاستخدام تطبيق الحكومة الإلكترونية أمر مهم لنجاح الحل ككل، لهذا السبب تقدم محو الأمية الرقمية للهيئات الإدارية حاجزًا كبيرًا، وفي بعض الحالات يصبح ما يُعرف باسم الفجوة الرقمية واضحًا، في حين أن هذا قد يكون بسبب الأمية الرقمية إلا أنه يمكن أن يأتي أيضًا في شكل اقتصادي، نعني بالشكل الاقتصادي أن الأفراد قد لا يملكون ما يكفي من المال لامتلاك التكنولوجيا اللازمة للمشاركة وسيتم استبعادهم من عملية التشاور التي تؤدي إلى عدم المساواة.
حلول الحوكمة الذكية
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
تقنية اتصالات المعلومات هي الأساس الذي تقوم عليه الحوكمة الذكية، يعزز هذا الشكل من التكنولوجيا مستوى التعاون بين الدوائر الحكومية ويوفر وسيلة لتقديم الخدمات بكفاءة واستدامة.
لقد أدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى نشوء مناخ قائم على المعلومات يمكن استغلاله من قبل الحوكمة الذكية للتواصل والتعاون مع كل من الشركات والمواطنين، وتعزيز نشاط التجارة الالكترونية وتبادل السلع والخدمات.
تفاعلات وسائل التواصل الاجتماعي والتحليل
يقول أحد الخبراء ما دامت المدن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتحدث بشكل أقل والاستماع أكثر، فيمكن استخدامها كأداة يمكن أن تزدهر بها الحوكمة الذكية، لقد رأينا اتجاهًا في المؤسسات الحكومية لتطوير وجودها على وسائل التواصل الاجتماعي واستراتيجيتها عبر الإنترنت، ومع ذلك، لا يزال يتعين القيام بخطوات أكثر أهمية للمساعدة في تسهيل الحوكمة الذكية.
إنترنت الأشياء (IoT)
في حين أنه من السهل الوقوع في إنترنت الأشياء والحوكمة باعتبارها تهديدًا أمنيًا، يجب إظهار المزيد من الاهتمام لكيفية تعاون إنترنت الأشياء والحوكمة الذكية وتوفير الفائدة لمكونات المدينة أو البلدة، نشرت شركة Deloitte تقريرًا نظر في مفهوم تقنية إنترنت الأشياء والحوكمة، ويذكرون أن “الأساس المنطقي وراء أي إطار حوكمة هو تثبيت عمليات أي مؤسسة وضمان نتيجة متسقة ومستقرة”، وقد وضع بعض خبراء التكنولوجيا إطار يتم من خلاله تنفيذ إنترنت الأشياء والحوكمة الذكية:
- يجب أن يضمن هيكل النظام البيئي لإدارة الإنترنت المشاركة الهادفة والمسؤولة لجميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمع التقني والمجتمع الأكاديمي والمستخدمين.
- يجب أن تكون نماذج النظام الإيكولوجي لحوكمة إنترنت الأشياء العالمية مفتوحة وتشاركية وشفافة وقائمة على توافق الآراء.
- يجب أن تتم إدارة الإنترنت من خلال نظام بيئي موزع ولا مركزي ومتعدد أصحاب المصلحة.
السحابة الخاصة والعامة
تخلق الحوسبة السحابية فرصة للسلطات الحكومية لتحديث أنظمة تكنولوجيا المعلومات بالكامل وتقليل التكاليف وزيادة الكفاءات الإجمالية، سواء كانت خدمات تعاون قائمة على SaaS (برنامج خدمة) أو استخدام البنية التحتية للحوسبة السحابية كخدمة (IaaS).
تتجه السلطات الحكومية بشكل متزايد إلى السحابة كجزء من جهود تحديث تكنولوجيا المعلومات، هذا المفهوم هو ما يُعرف باسم “Cloud Smart”، ويعني تزايد اعتماد المزيد من المستخدمين علي السحابية والمزيد من أعباء العمل التي تعمل في السحابية.
بعض الحقائق المبسطة
في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يختلف مستوى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأداء نظام الحوكمة والاستثمار في التقنيات المتقدمة من بلد إلى آخر، وفي بعض الأحيان داخل نفس الدولة.
فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تواجه المنطقة العديد من التحديات في خلق وظائف لائقة وبناء حوار اجتماعي بنّاء وتحسين العدالة الاجتماعية، وقد كشف الوباء عن نقاط ضعف خطيرة في مجتمعات ومؤسسات واقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
من حيث أداء نظام الحوكمة، هناك نقص شديد في الحوكمة الملائمة للابتكار وخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما لا يزال الفساد يمثل تحديًا رئيسيًا على الرغم من عمل العديد من الحكومات في جميع أنحاء المنطقة لتركيز أولوياتها الوطنية على مكافحة الفساد وزيادة الشفافية.
فيما يتعلق بالحوكمة الإلكترونية تتميز دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقطاعات عامة كبيرة وهياكل تنظيمية معقدة، لقد ظهر تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحديث المؤسسات العامة وهو آخذ في الازدياد، لكن لا تزال المهارات الرقمية والبيانات نادرة وغير متساوية عبر المناطق، يمثل قيد الميزانية تحديًا آخر أمام تنفيذ استراتيجيات الحكومة الرقمية.