العمل في الإسلام

3 سبتمبر 2024
العمل في الإسلام

العمل في الإسلام، الإسلام حث المسلمين على العمل وأن يسعوا لكسب الرزق، وذلك لكي يكون الإنسان المسلم يعيش في مجتمع وهو منتج وفعال بدلاً من أن يكون عالة على المجتمع، وذلك العمل أيضًا يساهم في توفير حياة كريمة له ولأهله، وفي قوة المجتمع وازدهاره، وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية العمل ومكانته في مواضع عده، كما أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قد مدح اليد العاملة والتي تنتج، ودعا بأن يكون المسلم منتجًا، كما كان ذلك واضحًا في سيرته صلى الله عليه وسلم، ولم يغفل الإسلام عن وضع أحكام وضوابط للعمل المشروع الذي يمكن أن يقوم به المسلم، والأعمال التي يجيب ألا يقترب منها، وهو ما سوف نتحدث عنه في هذا الموضوع وكيفية حث الإسلام على العمل من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية.

العمل في الإسلام

العمل في القرآن الكريم

في كتاب الله الكريم توجد العديد من الآيات التي تحث على العمل، وطلب الرزق، والسعي في الأرض، وعدم الركون للراحة، ومن هذه الآيات قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*فإذا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ…” فالآية صريحةٌ في الإذن للناس بالبيع والشراء والتجارة بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، بهدف الحصول على الربح، والتماس فضل الله بالسعي والتجارة.

كما قال الله تعالى: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”، وفي هذه الآية نجد أمرٌ صريحٌ من الله سبحانه وتعالى للناس في طلب الرزق، والسعي لذلك بالعمل وعدم الجلوس، حيث إنَّ الله سبحانه وتعالى جعل الأرض ذلولاً للناس لكي يسعوا فيها بالعمل وتحصيل الرزق، والأكل مما أنعم الله به عليهم في الأرض.

قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ”، فالأساس في الحياة الدنيا قائمٌ على العمل والأخذ بالأسباب والسعي في تحصيل الرزق، والكدح والجد لأجل ذلك، وإن الإنسان سيجد أثر كدحه في الآخرة إن كان بطريق خيرٍ أو بطريق إثم.

قول الله – سبحانه وتعالى: “رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً”، ونجد في تفسير ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد جعل جميع الوسائل متاحةً لعباده حتى يسعوا في الأرض، ومن تلك الوسائل السفن في البحر إذ كانت الغاية من هداية الناس لها؛ أن تحملهم إلى أماكن تجاراتهم ومعايشهم، ويلتمسوا الرزق من خلال التنقل بها، وكلَّ ذلك لا يكون إلا بالعمل، وقد كان الله رحيماً بعباده حين أجرى لهم الفلك في البحر، تسهيلاً منه عليهم للتنقل في أصقاع الأرض وأرجاء المعمورة؛ حتى يصلوا إلى البلاد النائية التي لن يتمكنوا من الوصول إليها دون تلك السفن.

العمل في السنة النبوية

والسنة النبوية أيضًا قد نبّهت إلى أهمية العمل، ودعت المسلمين إلى السعي في طلب الرزق، والاستمرار على العمل الصالح حتى آخر لحظةٍ من حياتهم، ومن النصوص النبوية التي تحثُّ على العمل وتدعو له ما يلي:

روى البخاري في صحيحه عن المقدام بن معد يكرب الكندي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما أَكَلَ أَحَدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِه، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليهِ السلامُ كان يأكلُ من عملِ يدِه”، والحديث صريحٌ في تفضيل العمل واستحبابه، وأن يأكل المسلم من عمل يده، وأنّ ذلك خيرٌ له من الأكل الذي يحصل عليه من سؤال الناس واستعطافهم. 

ما يرويه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ”، فكلَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد عملوا بكدِّ أيدهم وأكلوا من عرق جبينهم، فهذا محمد -صلى الله عليه وسلم- قد رعى الغنم على قراريط لأهل مكة، كما ثبت أنه عمل بالتجارة، وكان زكريا عليه السلام نجاراً، وغيرهما من الأنبياء والمرسلين.

ما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ”، فالذي لا يعمل بيديه ويعتمد في رزقه على سؤال الناس واستعطافهم يأتي يوم القيامة ولم تبقَ في وجهه قطعة لحم، كلما سأل أحداً ذهبت قطعة من لحم وجهه، إلى أن يفقد لحم وجهه كله، إنما ينبغي على المسلم أن يأكل من نتاج يديه حتى لو لم يجد إلا القليل.

ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنه: “أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخل على أمِّ مبشرٍ الأنصاريةِ في نخلٍ لها، فقال لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: من غرس هذا النخلَ؟ أمسلمٌ أم كافرٌ؟ فقالت: بل مسلمٌ، فقال: لا يَغرسُ مسلمٌ غرسًا، ولا يزرع زرعًا، فيأكل منه إنسانٌ ولا دابةٌ ولا شيءٌ، إلا كانت له صدقةٌ”.