انتشرت في الآونة الأخيرة موجة عاصفة من التعصب في كل المجالات، ما جعل علماء الاجتماع يطرحون السؤال: ما هي أسباب انتشار التعصب؟ في محاولة لفهم خلفيات ومسببات هذه القضية، والبحث عن طرق لتلافي هذه الأسباب ومعالجة التعصب من جذوره.
ويرجع التعصب في اللغة إلى الكلمة “العصبية” والمقصود بها الأصل أو الجذر وليس العصبية بمعنى الغضب. والتعصب هو التحمس بشكل متهور دعما لفئة بعينها، سواء كانت أمة أو طائفة أو فرقة أو مذهب أو منهج. ولا يفرق التعصب بين كون الطرف الذي يتم الانحياز له ظالما أو مظلوما. والتعصب هو تزمت وتشدد في المواقف الداعم لفئة بعينها مهما كانت على خطأ، م عدم التهاون مع الفئة الأخرى وكل من ينتسب لها أو حتى لا يدعم الفئة التي يتعصب لها الفرد.
أسباب انتشار التعصب
هناك أسباب عديدة لظاهرة التعصب، وتختلف من حالة إلى أخرى، وكلما كانت الحالة بها أكبر عدد من الأسباب، كانت أصعب وأخطر، وضرورة الإسراع بمواجهتها أولى، وفي السطور التالية سوف نجيب علي سؤال ما هي أسباب انتشار التعصب ؟ .
من أشهر هذه الأسباب ما يلي:
التربية
من أهم وأخطر أسباب انتشار التعصب هو التربية، فإذا نشأ الفرد في بيئة تحض على العنصرية والتعصب والتمييز بين البشر، فمن المؤكد أنه سيكون شخصا متعصبا عنصريا. إن ما نعلمه لأطفالنا في الصغر هو ما يشكل شخصيتهم في الكبر، ونشأة الطفل في أسرة متعصبة ضد جماعة أو فئة أو فرقة أو طائفة، يحوله إلى مشروع متطرف لرأيه ولجماعته أو فرقته.
الأنانية والغرور
في بعض الأحيان تدفع الأنانية والغرور الأشخاص إلى الاعتقاد باحتكار الحق والحقيقة المطلقة، ما يعني أن كل ما سواه باطل. يسبب هذا الاعتقاد الخاطئ أن تكون نظرة المصاب به إلى الآخرين دونية، ويعاملهم بعنصرية وتعصب بوصفهم أهل باطل.
تغييب العقل
من أهم أسباب انتشار التعصب في أي مجتمع، هو تغييب الفئة أو الفرقة أو الشخص المتعصب لعقله، والإصرار على عدم استخدام هذه النعمة التي ميزنا الله بها عن الحيوانات. إن عدم استخدام العقل يسفر دائما عن انتشار الخرافات والأفكار المنحرفة، ويصبح الفرد مؤهلا للقبول بأي أفكار متعصبة مهما كانت شاذة بالنسبة لكل من يستخدم عقله في وزن الأمور.ولهذا نجد أن التعصب يسود دوما في المكان الذي يغلب فيه الجهل ويغيب فيه العقل، ويختفي مع أول محاولة تفكير عقلي ومنطقي.
عدم المعرفة بالآخر
قلنا إن التعصب ينتشر حينما ينتشر الجهل وأينما تختفي المعرفة. ولا يعني الجهل عدم القدرة على استخدام العقل فقط، بل يتسع مفهوم الجهل ليشمل عدم الإلمام بالمعلومات الكافية عن الطرف الآخر سواء كان فئة أو فرد أو جماعة أو فرقة. إن القول المأثور يخبرنا أن الناس أعداء ما جهلوا، لهذا، غالبا ما يختفي التعصب عندما يعرف الفرد المتعصب المزيد من المعلومات عن الفئة التي يتعصب ضدها.