نتحدث في هذا التقرير عن تطبيقات البلوكشين ، إذ أنها تقوم بعلاج قضايا الأمن والثقة بأكثر من طريقة، فمثلًا تقوم الكتل الجديدة بشكل خطي وبترتيب زمني، يعني أنها تضاف في كل مرة إلى نهاية البلوكشين، وإذا تفحصت البلوكشين الخاصة بالبتكوين، فسوف تلاحظ ان كل كتلة يكونمخصص لها موقع على السلسلة، ويجرى إطلاق على ذلك الموقع الارتفاع حيث أن عدد كتل البتكوين بلغ 596434.
بعدما تضيف كتلة إلى نهاية البلوكشين، سيكون من الصعوبة بمكان ان تعيد وتغير محتويات الكتلة، لأن كل كتلة تشتمل على رمز تعريف hash يخصها، إلى جانب رمز تعريف الكتلة التي قبلها، حيث يجرى تدشين رموز التعريف عن طريق دالة رياضية تقوم بتحويل المعلومات الرقمية إلى سلسلة من الأرقام والحروف، وإذا جرى تعديل هذه المعلومات بأي طريقة، فإن رمز التعريف سيتغير.
فمثلًا لو أن أحد القراصنة حاول أن يعدل أي معاملة مالية (مثلًا، عملية شراء قمت بها من أي متجر إلكتروني) بحيث تكون قادرًا على أن تدفع ثمن السلعة مرتين، وعندما يعدل القرصان المبلغ المالي الذي يخص المعاملة المالية، سيجرى تغيير رمز تعريف الكتلة.
ويكون ذلك في الوقت الذي تكون فيه الكتلة الموالية للكتلة التي حاول القرصان أن يتلاعب بها في السلسلة تشتمل على رمز التعريف القديم للكتلة التي تلاعب بها القرصان، وسيكون على القرصان تعديل الكتلة الموالية أيضًا حتى لا يجرى افتضاح أمره، لكن هذا سيؤدي بدوره إلى تغير رمز تعريف الكتلة الموالية للكتلة التي تلاعب بها.
وحتى تستطيع أن تنغير كتلة واحدة، يكون القرصان في حاجة إلى أن يغير كل الكتل التي توجد بعد الكتلة التي تلاعب بها في البلوكشين، وعندها سيستغرق إعادة حساب كل رموز التعريف الخاصة بتك الكتل إلى قوة حسابية ضخمة للغاية، يعني أنك عندما تضيف كتلة إلى البلوكشين، يصبح من الصعب تعديلها، كما يستحيل مسحها.
تطبيقات البلوكشين
البتكوين
يعتبر البتكوين أبرز تطبيقات البلوكشين حيث أنه اكتسب انتشارًا واسعًا على مستوى العالم، خلال السنوات الماضية، فقبل بضعة سنوات مضت، قام شخص مجهول بالتوصل إلى شخص مجهول (أو أكثر من شخص) تحت مسمى ساتوشي ناكاموتو إلى بروتوكول البتكوين، ومن ثم فإن ثورة مالية وتقنية جديدة بدأت، أحدثت هزة على مستوى النظام الاقتصادي العالمي، حيث قام بالسماح بالاستغناء عن الوسطاء والأطراف الثالثة، وقام بتوفير نظام آمن للمصادقة والتحويل.
ويمكن أن نعرف البتكوين على أنه شبكة دفع مبتكرة وشكل جديد للأموال، حيث أنها عملة مشفرة cryptocurrency، وتعتبر أحد أشكال النقد الرقمي، وهي عملة رقمية لا مركزية لا تقوم بالتحكم فيها أي سلطة أو بنك مركزي، ويمكن أن يقوم أي شخص بإرسالها من مستعمل إلى آخر دون الحاجة إلى وسطاء، وتستعمل تكنولوجيا البلوكشين.
العقود الذكية (Smart contracts)
يعتبر هذا العقد شفرة حاسوبية يمكن أن نضمنها في البلوكشين عندما نكتب أي عقد أو نتحقق منه والتفاوض عليه، حيث أن العقود الذكية يجرى تفعيلها بموجب عدد كبير من الشروط التي يوافق المستعملون عليها، وعندما يجرى استيفاء هذه الشروط، يجرى تنفيذ الاتفاقية بشكل تلقائي، فمثلًا عندما ترغب في استئجار شقة باستعمال عقد ذكي. الاتفاق هو أني سأعطيك رمز الدخول إلى الشقة بمجرد أن تدفع لي أجر شهر، سنقوم بكتابة الصفقة في عقد ذكي، والذي سيبادل رمز الدخول الخاص بالشقة تلقائيًا بمبلغ الاستئجار عندما يحين وقت الدفع.
تخزين الملفات
يكون لتخزين الملفات على الشبكة العنكبوتية بشكل لا مركزي أكثر من فائدة، حيث أنه يحمي الملفات ويحصنها من الضياع والاختراق، كما ان نظام الملفات الكوكبي هو عبارة عن بروتوكول أُسس على تلك الفكرة، حيث أنه يتخلص من الحاجة إلى علاقات مركزية بين الخادم والعميل (كما هو شائع في شبكة الويب الحالية)، ويكون ذلك البروتوكول اللامركزي يمتلك المقدرة على أن يسرع نقل الملفات، وقد تكون مثل تلك البروتوكولات التي جرى توزيعها مستقبل الشبكة، وهذا كله بفضل تكنولوجيا البيتكوين.
حماية الملكية الفكرية
يمكن أن تنتج وتنسخ المعلومات الرقمية بشكل غير محدود وأن توزعها على نطاق واسع. وقد أدى ذلك إلى توفير منجم ذهب من المحتوى المجاني لمستعملي الويب منجم ذهب وذلك في كافة أنحاء العالم، وفي المقابل فإن أصحاب حقوق الطبع والنشر عانوا كثيرًا بعدما فقدوا السيطرة على الملكية الفكرية الخاصة بهم، ما أدى إلى تضررهم ماليًا.
ويكون في مقدور العقود الذكية أن تحمي حقوق الطبع والنشر وأتمتة بيع الأعمال الإبداعية من خلال شبكة الإنترنت، وأن تقلل خطر نسخ الملفات وإعادة توزيعها من خلال إلغاء الحاجة إلى الوسطاء، وأن تبيع المنتجات بشكل مباشر إلى المستهلكين.
التشبيك (Internet of Things)
إنترنت الأشياء، هي عبارة عن إدارة أنواع محددة من الأجهزة الإلكترونية عن طريق الشبكة، مثل أجهزة مراقبة درجة حرارة الهواء في منشآت التخزين، ومن ثم فإن العقود الذكية تجعل أتمتة إدارة تلك الأنظمة عن بعد ممكنة، ومن أبرز وأهم أمثلة استعمال البلوكشين في التشبيك، شبكات الطاقة الذكية، فيجب أن نفترض مثلًا وجود أشخاص في المدينة يقومون بغنتاج الطاقة بأنفسهم من خلال خلايا الطاقة الشمسية.
ويرغبون في ان يبيعوا فائض الطاقة إلى جيرانهم، ويكون في الإمكان بيع العقود الذكية التي تكون مبنية على إيثيريوم أن تقوم بتوزيع هذه الطاقة بشكل تلقائي وأن تتكفل بعملية تحويل الأموال من المشترين إلى البائعين، وقد بدأت شركة Consensys، وهي شركة أمريكية، بمشروع قائم على العقود الذكية يقوم بمراقبة وإعادة توزيع الطاقة الكهربائية في شبكة الطاقة تلقائيًا.
تسجيل الملكية
يكون في مقدور البلوكشين تسهيل عملية حفظ السجلات، حيث أنها سجلات مفتوحة أمام كل المستعملين، حيث أن تسجيل الملكية يعد واحدًا من أبرز وأهم الأمثلة على هذا، لأنه يكثر فيها الاحتيال، كما أنها تكون مكلفة وتكون في حاجة إلى عمالة كثيفة لكي تديرها، كما جرى إطلاق أكثر من مشروع لتسجيل الملكية عن طريق هذا المصطلح.
وقد كانت دولة هندوراس أولى دول العالم التي قامت بالإعلان عن مثل تلك المبادرة في سنة 2015، كما أن دولة جورجيا قامت بإبرام صفقة مع Bitfury لكي تطور نظام بلوكشين حتى تسجل الملكية، ودولة السويد قامت بالإعلان عن أنها في طور اختبار تطبيق البلوكشين في نظام من أجل تسجيل الملكية.