جمال حمدان هو أحد أشهر المؤرخين المصريين في العصر الحديث، وصاحب أحد المؤلفات تأثيرًا في الثقافة المصرية في السنوات الماضية، ويعد كتابه شخصية مصر من أشهر المؤلفات الجغرافية التي تناولت الجغرافيا المصرية في العصر الحديث.
جمال حمدان
جمال حمدان ، واسمه جمال محمود صالح حمدان، من مواليد فبراير 1928 في قرية ناي بمحافة القليوبية، وهو أحد أعلام الجغرافيا المصريين والمتوفى عام 1993.
نالت مؤلفات جمال حمدان اهتمامًا كبيرًا بعد وفاته، خاصة عند الوقوف عند تفكيره الاستراتيجي حيث لم تكن الجغرافيا لديه سوى رؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشري وحضاري، كما أنه سعى لوضع الظواهر الجزئية في سياق عام وشامل جعله سابقًا لعصره بما يجعله بحق جديرًا بلقب الخبير الاستراتيجي.
رؤى جمال حمدان
من أهم القضايا التي طرحها جمال حمدان وتنبأ بمستقبلها هي مستقبل الاتحاد السوفيتي، إذ انطلق في تحليل مستقبله انطلاقًا من الفهم العميق لحقائق التاريخ والوعي بالحاضر، ولذا فبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده أكد جمال حمدان تفككه في السنوات المقبلة وتحقق هذا الأمر الذي تنبأ به جمال حمدان عام 1968 بعد واحد وعشرين عامًا حيث انهارت الكتلة الشرقية وانهار الاتحاد السوفيتي بالكامل عام 1991.
ومن أهم وأقوى القضايا التي طرحها جمال حمدان هو تأكيده أن اليهود الحاليين ليسوا هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، إذ أثبت في كتابه “اليهود أنثروبولوجيا” الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين ليسوا هم أحفاد يهود فلسطين الذين خرجوا منها قبل الميلاد وإنما ينتمي هؤلاء لما يسمى بـ إمبراطورية الخزر التترية التي قامت بين “بحر قزوين” و”البحر الأسود”، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وأكد رؤية جمال حمدان في هذا الشأن عام 1976 آرثر كوستلر مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشر.
ويعد جمال حمدان أحد المثقفين المحدودين في العصر الحديث الذين عملوا على توظيف أبحاثهم ودراستهم في خدمة قضايا الأمة، حيث أنه اعتبر أن معركته هي تفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين، مؤكدًا أنها ظاهرة استعمارية قامت على اغتصاب الأراضي.
كما أن جمال حمدان سبق برؤيته مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية حيث أكد حمدان أن إسرائيل هي دولة دينية تقوم على جمع اليهود فقط بما يمثل شذوذًا رجعيًا في الفلسفة السياسية في القرن العشرين.
وتوقع جمال حمدان أن يكون هناك صراع مزعوم بين الحضارات يعمل الغرب فيه علي جمع الحلفاء ضد العالم الإسلامي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وهو ما أكده لاحقًا صموئيل هنتنجتون في كتابه صدام الحضارات.
ومن النبوءات التي طرحها جمال حمدان هو انهيار الولايات المتحدة بسبب السعار السياسي الذي أصابها حيث تتبادل مع العالم كله الكراهية وهو ما ينتهي بتدميرها في النهاية ورغم انتصاراتها الحالية إلا أنها تصارع من أجل البقاء في الحقيقة، كما يؤكد جمال حمدان أن الإسلام سيعود ليقود من جديد.
وفاة جمال حمدان
عثر على جمال حمدان في شقته والنصف الأسفل من جثته محروقًا، ولكن بعض التقارير تشير إلي أن الحريق لم يكن السبب الرئيسي في وفاته، خاصة أن بعض المسودات التي كتبها عن اليهود والصهيونية اختفت.
وحصل جمال حمدان علي العديد من الجوائز داخل مصر وخارجها، كجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1986، وجائزة التقدم العلمي في الكويت عام 1992، كما حصل على وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه الأشهر “شخصية مصر” عام 1988م.