تحدثنا في المقالة السابقة عن واحد من أبرز وأهم شعراء وأدياء عصر صدر الإسلام الذين أثروا في التراث الأدبي والشعري العربي على مر العصور والذي كان إنتاجه الادبي والشعري مرجع للعديد من شعراء وأدباء العرب، كما تناولنا في تلك التقرير السابق الحياة الأدبية والشعرية للإمام علي بن أبي طالب وذكرنا نماذج من أهم وأبرز شعر الإمام علي بن أبي طالب. ولكن خلال سطور هذا التقرير سوف نتناول رثاء علي بن أبي طالب لفاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – في قصيدة شعرية مؤثرة:
حياة وشعر الإمام علي بن أبي طالب
هو ابن عم رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – وزوج ابنته فاطمة الزهراء وكان أول من آمن برسول الله من الصبيان، وقد كانت هناك قصة مشهورة للإمام علي بن أبي طالب، وهي قصة فداءه لرسول الله عندما أراد أهل قريش قتل رسول الله، حيث نام على بين أبي طالب في فراش الرسول حتى يتمكن رسول الله من الهرب من يد أهل قريش. وكان الإمام علي بن أبي طالب هو كذلك رابع الخلفاء الراشدين الذين حكموا الدولة الإسلامية بعد وفاة رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم -، وقد استمر الإمام علي بن أبي طالب في الحكم لمدة تقترب من خمسة سنوات وثلاثة أشهر، استمر حكمه فيها بالعدل والمساواة وإعلاء كلمة الحق على أي شيء آخر.
كان الإمام علي بن ابي طالب واحد من أشهر الشعراء الذين يتسم شعرهم وأدبهم بالحكمة والفلسفة في ذلك القوت خلال عصر صدر الإسلام في الشعر العربي. وقد أثرى الإمام علي بن أبي طالب التراث الأدبي والشعري العربي بالعديد من القصائد الشعرية التي نُسبت إليه.
رثاء علي بن أبي طالب لفاطمة الزهراء بنت رسول الله
ألا هــل إلى طــول الـحـيـاة ســبـيـــلٌ وأنـــى هـــذا الـــموت لـــيس يــحولُ
وإنـــي وإن أصــبحت بـالموت موقناً فـــلي أمــلٌ مـــن دون ذاك طـــويـــلٌ
وللــدهـر ألــــوانٌ تـــروح وتـغـــتدي وإنّ نفـــوســـاً بـــيـــنهـــن تـــسيـــلُ
ومــنــزل حــــقٍ لا مـــعــرّج دونـــــه لكلِّ امـــرئ مـــنـــهـــا إلـــيـــه سبيلُ
قــــطعـــت بـأيـــام الـــتــعـــزر ذكـره وكـــلُّ عـــزيـــز مـــــا هـــنـــاك ذلــيلُ
أرى عــلـــل الـــدنيـــا عـــليَّ كــثيرةً وصــــاحـبـــها حــتَّى الـــممات عليلُ
وإنـــي لمـــشتـــاق إلـــى من أحبـــه فـــهل لـــي إلى من قد هويت سبيل؟
وإنـــي وإن شطّـــت بــي الدّار نازحاً وقد مـــات قـــبلي بـــالفراق جـــمـيلُ
فقد قال في الأمثال في الـــبين قـــائلٌ أضــــرَّ بـــه يـــوم الـــفراق قـــليـــلُ
لـكلِّ اجـــتماعٍ مــن خـــليلين فرقـــة وكـــلُّ الـــذي دون الـــفـــراق رحـيلُ
وإن افـــتقـــادي فـــاطماً بـــعد أحـمدٍ دلــــيـــلٌ عـــلـــى أن لا يـــدوم خـليلُ
وكـــيف هناك العيش من بـعد فقدهم لـــعـــمـــرك شـــيءٌ مـــا إليه سـبيلُ
سيُعرضُ عن ذكري وتُنســى مودتّي ويـــظهر بـــعدي للـــخلـــيل عـــديـــلُ
ولـيس خليلـــي بالـــملول ولا الـــذي إذا غـــبـــت يـــرضـــاه ســـواي بديلُ
ولكـــن خـــليلي مـــن يـــدوم وصاله ويحـــفظ ســـرّي قـــلـــبُهُ ودخـــيـــلُ
إذا انقطعت يوماً من الـعيش مدَّتـــي فـــإن بـــكـــاء الـــبـــاكـــيـــات قــليلُ
يريـــد الـــفتى أن لا يـــموت حـبـيـبه ولـــيـــس إلـــى مـــا يـــبتغيه ســـبيلُ
ولـــيس جـــلـــيلاً رزء مـــالٍ وفــقده ولـــكـــنَّ رزء الأكـــرمـــين جـــلـيلُ
لذلك جـــنـبي لا يـــؤاتـــيـــه مضـجعٌ وفي القـــلب من حرِّ الـــفراق غليلُ