تحدثنا في مقالات سابقة عن الشاعر العباسي أبو فراس الحمداني، الذي كان من أئمة الشعر العباسي الذين ذاع صيتهم خلال تلك الحقبة التاريخية من التاريخ الإسلامي القديم. وخلال تلك المقالات تطرقنا لنشأته وحياته ومولده والعوامل المؤثرة في موهبته، وتحثنا كذلك عن سبب تسميته بالأمير الشاعر وعن ترعرعه في كنف القائد سيف الدولة الحمداني حاكم الدولة الحمدانية آنذاك التي كانت تسيطر على الشام وسوريا. وتحثنا عن أهم فترة مؤثرة في حياة الشاعر العربي أبو فراس الحمداني وهي فترة وقوعه في الأسر على يد الروم ومماطلة ابن عمه سيف الدولة في افتدائه، ولكن خلال هذا التقرير سوف نتحدث عن روميات أبي فراس الحمداني التي ألفها خلال فترة محبسه لدى الروم:
أسر أبي فراس الحمداني
اُختلف كثيرًا حول عدد المرات التي تعرض فيها الشاعر العربي أبو فراس الحمداني ، الأمير الشاعر، فهناك من أكد على أنه اُسر مرة واحدة على يد الروم الذين حملوه إلى منطقة تسمى خرشنة وبعدها إلى القسطنطينية، بينما ذهب البعض إلى أنه وقع في الأسر مرتين؛ واحدة منهم كانت في منبج التي تولى ولايتها والثانية على يد الروم في مغارة الكحل.
وكان لأسر الشاعر أبو فراس الحمداني دور كبير في إثراء تراثه الفني والشعري، حيث نظم العديد من القصائد والأبيات الشعرية التي جسد فيها مرارة الأسر والسجن، وكان كذلك يصف من خلالها ممطالة ابن عمه القائد سيف الدولة الحمداني في دفع الفدية ليخرجه من محبسه.
وحول قصة افتداء الشاعر العربي أبي فراس الحمداني، فقد تضاربت الأقاويل حول السبب الحقيقي وراء مماطلة ابن عمه القائد سيف الدولة الحمداني، حاكم الدولة الحمدانية في ذلك الوقت، فمنهم من ذهب إلى أن السبب وراء ذلك هو أن الروم أنفسهم هم الذين أرادوا الإبقاء على الشاعر داخل الحبس، بينما ذهب البعض الأخر إلى أن السبب هو خوف سيف الدولة الحمداني من طموح وبطولة وشجاعة الشاعر العربي أبو فراس الحمداني.
روميات أبي فراس الحمداني
روميات أبي فراس الحمداني ، المُلقب الأمير الشاعر، بُقصد بها تلك القصائد والأبيات الشعرية التي ألفها الشاعر العربي خلال الفترة التي وقع فيها في الأسر لدى الروم أثر المعارك والحروب الدائمة التي وقعت بين الدولة الحمدانية وبين الروم آنذاك، حيث حبسه الروم في سجن خرشنه، وقضى أبو فراس مدة قد تزيد عن سبع سنوات ماطل فيها ابن عمه القائد سيف الدولة الحمداني في افتدائه على مر تلك السنوات.
وبالنظر إلى روميات الشاعر العربي أبو فراس الحمداني يمكنك أن تلاحظ أنها كانت مليئة بالحزن والشجن الذي كان يعتمر في صدر الشاعر نتيجة خذلان ابن عمه له، فنظم تلك الأبيات حتى يعبر من خلالها عما يضيق به صدره. كما يلاحظ خلال روميات الشاعر أنه تغنى بأمجاده وبطولاته السالفة التي ظل يفخر بها في قصائده خلال سنوات محبسه. وحاول أبو فراس كثيرًا أن يستجدي ابن عمه سيف الدولة ختى يهم لافتدائه وإخراجه من محبسه لكن كل تلك المحاولات لم تفلح معه، فبدأ يستجددي رحمة اللله سبحانه وتعالى الواسعة حتى يفك عنه ذلك الكرب العظيم.