ريا وسكينة شوه التاريخ صورتهم على مدار ما يقرب من مائة عام، ولكن أنصفهم الباحثون، واكتشفوا أنهم امرأتين كانوا مناضلين ضد الاحتلال، والأغرب أن الاحتلال شوه صورة السيدتين لكي ينصرف الناس عن التفكير في الاحتلال وجرائمه البشعة، ويتحدث الجميع عن أمر سيدتين يخطفن النساء ويقتلوهن من أجل سرقة المصوغات، الحكاية المزيفة يعرفها الجميع، ولكن الحقيقة تحدث عنها القليل، عندما أذاع راديو بي بي سي براءة ريا وسكينة، ونحكيها لكم بالتفصيل كالتالي.
قصة ريا وسكينة
الأحداث الحقيقة أن السيدتين عاشوا في صعيد مصر بالفعل، وكانت ظروفهم المادية صعبة، لهذا نزلوا للعيش في الإسكندرية، توجهوا للإقامة في حي اللبان، وبدأت الحكاية، كانت القصة لها أهتمام شعبي واسع في مصر، كثر في هذا الوقت خطف السيدات والفتيات، واختفوا بدون سبب، وكذلك تقدم العديد من الأهالي ببلاغات في قسم الإسكندرية عن سيدات متغيبات عن المنزل، كان ذلك في 1919.
لا يعلم أحد حقيقة تغيب السيدات عن المنزل حقيقة أم لا، ولا يعرف أحد هل كانت ريا وسكينة من تخطف السيدات بالفعل أم لا؟، ولكن من نعرفه أن الحكاية حدثت عندما عثرت أحدى دوريات الشرطة عن عظام لسيدة، وكان بجانب العظام طرحة لونها أسود، وزادت الشكوك، عندما ذهب أحمد موسي إلى قسم الشرطة، وأخبرهم أنه عثر على عظام أسفل الحجرة الأرضية، حيث كان يقوم بأعمال الحفر من أجل توصيل المياه لهذه الحجرة.
شارع على بك الكبير
حاولت الشرطة التوصل إلى خيط بين المرأة التي عثر عليها الكمين، وبين العظام الموجودة في الغرفة الأرضية لكن بدون أمل، حتى تمكن أحد المخبرين من الشكوك في بيت ريا وسكينة حيث تخرج من الغرفة رائحة البخور بشكل مستمر، على الفور أمر اليوزباشي بحفر هذه الغرفة، ونزع منها البلاط، ووجد جسد لسيدة مدفونة في الغرفة، وتم القبض على ريا وسكينة وأزواجهم.
فيلم أحمد عاشور
انتهت القصة عند هذا، وظلت مغلقة باتهام ريا وسكينة بالقتل العمد، إلا أن أحمد عاشور أخذ موافقة من الرقابة المصرية بفتح هذه القضية الشائكة من جديد، قال عاشور إلى راديو بي بي سي، أنه كان يقوم بعمل فيلم وثائقي عن ريا وسكينة منذ عشرة سنوات، من البحث الميداني، تمكنت من الوصول إلى معلومات مهمة، لأن هناك تناقض كبير بين المستندات في القضية، بجانب ما ذكره أحفاد عرابي وعبد الرازق، كما أن حفيد اليوزباشي أخبر عاشور أن والده أراد أن يخبر الجميع أن قضية ريا وسكينة ملفقة لهم، إلا أنه تعرض للقتل، وأخذ القضية اليوزباشي إبراهيم حمدي وكانت هذا الشخص ولائه للإنجليز وقتها.
حجرة ريا وسكينة
أكد عاشور أن معلومات وجود عظام في منزل ريا وسكينة حقيقي وغير ملفق، ولكن عاشور لم يعرف أو يصل للفاعل الحقيقي، حيث أن البلاغ جاء عندما تركت ريا وشقيقتها المنزل، ربما لم تكونا الفاعلين، قال عاشور أن القضية بالفعل تم تلفيقها، وهذا بهدف أن ينشغل الناس عن الظروف الاقتصادية الصعبة، من ناحية أخرى كان وجود سكينة خطر لأنها كانت على تواصل مع جهاز الثورة السري والذي كان تحت قيادة عبد الرحمن باشا وقتها.
رواية أخرى تقول أن ريا وسكينة كانت تستدرج الرجال الأجانب إلى المنزل بالفعل، وكانوا يقوموا بقتلهم، وهكذا لم تكن نيتهم السرقة، وهكذا أنصف التاريخ السيدتين وأصبحوا ضحية الحروب، بدأ الكشف عن الحقيقة عندما أراد قناة أجنبية أخذ قصة ريا وسكينة الحقيقة، واشترطت أن يكون في القصة تشويق وإثارة، تحت أسوأ عشر شخصيات مروا في التاريخ، وعندما بدأ عاشور في البحث عن الجديد في القصة، أكتشف الحقيقة الغائبة لقرابة المائة عام.