هناك عدد من الشعراء الذين برزوا في الشعر العربي القديم وكانت لهم ألقاب شهيرة عُرفوا بها، ولكن كثيرًا منا لا يعلم عن تلك الألقاب الكثير، فقد تكون على معرفة كبيرة بشاعر ما ويتردد لقبه على مسامعك كثيرًا لكنك لاتعلم أن هذا اللقب لذلك الشاعر الذي تعرفه جيدا. فهل تعرف من هو الشاعر الملقب بـ شاعر الخمر في الشعر العربي القديم؟. هذا هو ما سوف نتناوله بشكل مفصل خلال سطور هذا المقال:
من هو شاعر الخمر ؟
أبو نواس، الحسن بن هانئ الحكمي، هو الشاعر الملقب بشاعر الخمر، فهو شاعر ينتمي إلى العصر العباسي وُلد من أم فارسية، وكان ولعه وحبه الشديد للمجون واللهو وشرب الخمر وكثرة التردد على الخمارات السبب الحقيقي وراء تسميته بشاعر الخمر، والذي كان ينعكس بشكل واصح على شعره الذي عكس جانب كبير من تفكيره وأسلوب حياته الماجنة ومعتقداته التي كانت محل انتقاد وقتها، ولكن على الرغم من كل ذلك إلا أن عدد من المؤرخين والأدباء أكدوا على توبة الشاعر قبل وفاته مباشرة.
نشأة أبو نواس
كما ذكرنا في السطور السابقة، أبو نواس يعود تاريخه إلى العصر العباسي، وُلد في عام 763م بالأهواز من بلاد خوزستان ولكنه عاش في العراق في مدينة البصرة مثل عدد كبير من شعراء عصره الذين كانوا من أم فارسي وكن عاشوا وترعرعوا في العراق. ويذكر أن شاعر الخمر أبو نواس كان والده أحد جند مروان بن محمد الأموي وبعد زوال حكمه اضطر والده إلى الرحيل والانتقال إلى قرية من قرى الأهواز، كما يذكر أن جده أبو نواس شاعر الخمر مولى الجراح بن عبد الله الحكمي كان أمير خُراسان فنُسِبَ إليه.
كانت لوفاة والده وهو في سن صغيرة دور كبير في نشأته الاجتماعية وخبرته، حيث مات والده وهو في سن السادسة من عمره، ما دفع والده شاعر الخمر إلى إرساله للعمل لدى أحد العطارين في مدينتهم والذي تكفل هو بتربيته ورعايته، ورغم ذلك العمل الشاق الذي كان يعمله أيو نواس إلا أن ذلك لم يمنعه من التردد على مجالس العلم والأدب والشعر، وكذلك لعبت رعاية ذلك العطار له دور كبير في تشجيعه على الذهاب إلى الكتاب وحفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، وهو ما لعب دور عظيم في تعلم الشعر الذي أبدع فيه بعد ذلك ليصبح واحدًا من أشهر وأبرز شعراء العصر العباسي آنذاك.
توبته قبل وفاته
عُرف عن أبو نواس أن حياته كانت حياة مليئة باللهو وشرب الخمر والتردد الكثير على الحانات ومرافقة ذويها، وهو ما بدى جليًا في قصائده وأشعاره الكثيرة، حيث خصص جزء كبير من إنتاجه الشعري في وصف الخمر ومدحها فقط، بالإضافة إلى نكريس جزء أخر من تلك الإنتاج الشعري في التغزل فقط في جارية كانت تعرف باسم (جنان).
وعلى رغم ما أشهرت به حياته من سمعة غير طيبة إلا أن المؤرخين أكدوا في كثير من المواقف أن أبو ناي شاعر الخمر لم يلفظ أنفاسه الأخيرة إلا وهو تائب إلى الله سبحانه وتعالى، وهو ما برهنوا عليه بالقصيدة التي وجدت أسفل على سريره أسفل مخدته عند وفاته والتي قال فيها:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة.. فلقد علمت بأن عفوك أعظـمُ
إن كان لا يدعوك إلا محسـن.. فمن الذي يرجو ويدعو المجرم