تعتبر قصيدة لامية العرب واحدة من أهم قصائد الشعر العربي. واليوم سنتحدث عن شرح لامية العرب وتوضيح أبياتها. وكاتب قصيدة لامية العرب هو الشاعر المعروف باسم الشنفرى، وهو ما اتفق عليه أغلب الرواة.
ومن الأهمية بمكان قبل أن نتناول شرح لامية العرب أن نتحدث قليلا عن الشاعر الشنفرى والقصيدة نفسها.
من هو الشنفري؟
هو شاعر من العصر الجاهلي، اسمه عمرو بن مالك الأزدي، وهو من بني الحارث بن ربيعة، وينتمي إلى قبيلة يمنية قديمة تعرف باسم قبيلة الأزد. ويصنف على أنه من الشعراء الصعاليك، بل من أشرس الشعراء الصعاليك.
أما عن لقبه “الشنفرى”، فمعناه في اللغة العربية غليظ الشفاه. ولعل ذلك ما يرجح أن يكون له أصول من الحبشة. نشأ الشنفرى عند بني سلامان من بني فهم. وكان يعتقد في صغره أنهم أهل والدته.
لكن بعد كبره، علم أنهم قتلوا والده وأخذوه أسيرا. فتركهم بعد أن قطع وعدا بأن يقتل منهم 100 شخص.
وكان الشنفرى من الذين ضرب بهم المثل في الجاهلية، بسبب سرعته في العدو والركض والجري. لذلك يقول المثل العربي: “أعدى من الشنفرى”.
لامية العرب والشنفرى
تعتبر قصيدة لامية العرب من أشهر قصائد الجاهلية، واختلف في نسبتها إلى شاعر بعينه.
لكن أغلب الرواة قالوا إن الشنفرى هو من كتب القصيدة. وكان من ضمن الشعراء الذين نسبت إليهم لامية العرب الشاعر خلف الأحمر.
وهناك عدة أسباب وراء التشكيك في قائل لامية العرب وهل هو الشنفرى حقا؟ من هذه الأسباب أن القصيدة تخلو من ذكر الأماكن، على عكس ما كان سائدا في الشعر الجاهلي.
كما أن الذي نسب القصيدة إلى خلف الأحمر هو ابن دريد، وقد عاشا في زمن متقارب.
أيضا، في كتابه “الأغاني” وغيره من الكتب، لم يأت الأصفهاني على ذكر لامية العرب مطلقا، رغم تحدثه أكثر من مرة عن الشنفرى وشعره. كما أن لامية العرب تعتبر قصيدة طويلة عما هو معروف عن بشعر الصعاليك.
لكن أغلب الرواة اتفقوا على أن القصيدة وأسلوبها الشعري يتفق مع أسلوب الشنفرى. وبعد أن انتهينا من نسب القصيدة، سنقدم لكم شرح لامية العرب.
شرح لامية العرب
كانت القصيدة محط اهتمام ودراسة العديد من الباحثين والمهتمين بالشعر العربي. ومما كتبوه وقالوه عن شرح لامية العرب ما يلي:
أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ
فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ
على غير المعتاد في الشعر الجاهلي، بدأ الشنفرى قصيدته بإعلام أهله بأن من سيرحل عنهم، وليس هم من سيرحلون عنه.
ويبرر الشاعر رغبته تلك بأنه يبحث عن قوم أحسن منهم عشرة، وأن قراره لا رجعة فيه.
ويقول الشنفرى أن الأرض بها الكثير من الأماكن التي تساعد الشخص الكريم الأصل في الحفاظ على كرامته. وأن الأرض بها الكثير من الأماكن لمن يريد المغادرة إلى مكان لا يتعرض فيه للذل.
لَعَمْـرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيـقٌ على امْرِىءٍ سَرَى رَاغِبَـاً أَوْ رَاهِبَـاً وَهْوَ يَعْقِـلُ
وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون: سِيـدٌ عَمَلَّـسٌ وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأَلُ
هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ
يقسم الشاعر على ما سبق وذكره من أن الأرض بها سعة لمن يرغب في الحفاظ على كرامته.
ثم يعود الشنفرى ويقول لأهله أنه يختار العيش مع وحوش بدلا منهم، وأنه يعيش مع ذئاب وقطط وضباع افضل منهم. وأكد أن هذه الوحوش تصون السر ولا تعاير أحدا.
وَكُـلٌّ أَبِـيٌّ بَاسِـلٌ غَيْـرَ أنَّنِـي إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِـدِ أبْسَـلُ
وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُـنْ بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ تَفَضُّـلٍ عَلَيْهِـمْ وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ
وَإنّـي كَفَانِـي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيًَا بِحُسْنَـى ولا في قُرْبِـهِ مُتَعَلَّـلُ
نواصل شرح لامية العرب حيث يقول الشاعر أن الوحوش التي فضل العيش معها أشجع من البشر، وأنه أشجع من الاثنين.
ويفتخر الشنفرى بعد ذلك بكونه قنوعا وغير أناني أو طماع. ويؤكد أنه ينتهج مكارم الأخلاق طلبا للرفعة.
جدير بالذكر ونحن نقدم لكم شرح لامية العرب أن نوه إلى أن القصيدة تتكون من ثمانية وستين بيتا شعريا.
وتعتبر مرجعا لكل من يرغب في معرفة حياة الصعاليك في الجاهلية. وأن اسمها “لامية” بسبب انتهاء قافيتها بحرف اللام.