الفراق يعد واحد من أصعب الخبرات التي يمر بها الإنسان في الحياة، مهما كانت قدرة هذا الشخص على التحمل والنسيان أو التناسي، يظل الفراق واحدًا من الأحاسيس التي تكسر وتهزم صاحبها مهما كانت قوته وبأسه. والفراق ليس مقتصرًا على فراق المحبوب وإنما قد يكون للفراق وجيعة كبيرة نتيجة فراق الصديق، أو الأب، أو الأم، أو الأخ والأخت، أو حتى فراق حيوان صارت بينكما علاقة أو عشرة وصارت بينكما أشياء مشتركة. وخلال هذا التقرير سوف نستعرض لعدد من شعر الفراق للشاعر السوري الكبير نزار قباني التي تتحدث عن الفراق وتجسد المأساة التي يتركها الفراق خلفه:
نزار قباني
كانت نشأة وحياة الشاعر نزار قباني مختلفة عن غيره من شعراء وأدباء عصره في ذلك الوقت، فقد كان نزار قباني من الأطفال الذين يهتمون دائمًا بالاكتشافات والبحث عن المجهول وراء الأشياء، وقد كان من المعروف عن خصاله أنه كان يحب تفكيك كل شيء إلى عناصره حتى يتمكن من استكشافه.
كان الشاعر السوري نزار قباني في طفولته محبًا للرسم ومن ثم الموسيقى التي أثرت بشكل كبير على موهبته وحياته الشعرية.
ويذكر أن نزار قباني قد ألف أول قصيدة له في روما حين كان في رحلة مدرسية إلى إيطاليا والتي جسد فيها حنينه إلى أرض الوطن، وقد أُذيعت تلك القصيدة الشعرية أول مرة في راديو روما.
شعر الفراق لـ نزار قباني
علمني حبك، أن أحزنْ
و أنا محتاجٌ منذ عصورْ
لامرأة تجعلني أحزنْ
لامرأة أبكي بين ذراعيها
مثلَ العصفورْ
لامرأة، تجمع أجزائي
كشظايا البللور المكسورْ
علمني حبكِ -سيدتي-
أسوأَ عاداتْ
علمني أفتحُ فنجاني
في الليلة ألافَ المراتْ
و أجرِّبُ طبَّ العطارينَ
و أطرقُ بابَ العرافاتْ
علمني، أخرجُ من بيتي
لأمشطَ أرصفةَ الطرقاتْ
و أطارد وجهكِ
في الأمطارِ، و في أضواء السياراتْ
و أطارد طيفكِ
حتَّى، حتى
في أوراقِ الإعلاناتْ
علمني حبكِ
كيفَ أهيمُ على وجهي، ساعاتْ
بحثًا عن شعرٍ غجريٍّ
تحسدُهُ كل الغجرياتْ
بحثا عن وجهٍ عن صوتٍ
هو كل الأوجهِ و الأصواتْ
أدخلني حبكِ، -سيدتي-
مدن الأحزانْ
و أنا من قبلكِ لم أدخلْ
مدنَ الأحزان
لم أعرف أبدًا
أنَّ الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزنٍ
ذكرى إنسانْ
وكما نلاحظ من علو صوت الشاعر السوري الكبير نزار قباني في قصيده الشعرية، تجسيد عظيم لوجيعة الفراق في نفس الشاعر الذي يبحث من خلال أبياته الشعرية عن المحبوبة المفقودة التي يشتاق إلى الارتماء في أحضانها ليكي يشكي همه ويبوح بكل أسراره الدفينة، إلا أنه لا يرى صدى لكلماته ونداءه للمحبوبة، فكل محاولات بحثه تأتي في النهاية بلا جدوى. ونلاحظ من خلال فصاحة الكلمات ووقع المعاني على أنفسنا إلى أي مدى يعد الفراق سلاح فتاك بكل من ذاقه.
ويقول الشاعر السوري نزار قباني أيضًا من شعر الفراق:
لنفترقْ قليلا
لخيرِ هذا الحُبِّ يا حبيبي
وخيرنا
لنفترقْ قليلا
لأنني أريدُ أن تزيدَ في محبتي
أريدُ أن تكرهني قليلا
بحقِّ ما لدينا
من ذِكَرٍ غاليةٍ كانت على كِلَينا
بحقِّ حُبٍّ رائعٍ
ما زالَ منقوشًا على فمينا
ما زالَ محفورًا على يدينا
بحقِّ ما كتبتَهُ، إليَّ من رسائلِ
ووجهُكَ المزروعُ مثلَ وردةٍ في داخلي
وحبكَ الباقي على شَعري على أناملي
بحقِّ ذكرياتنا
وحزننا الجميلِ وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا
أكبرَ من شفاهنا
بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا
أسألكَ الرحيلا