ليس من باب المبالغة أن نصنف شعر محمود درويش عن الشهداء على أنه من أفضل ما كتب عنهم في الشعر العربي. فالشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش كان من الذين تبنوا الدفاع عن فلسطين وأهلها وشهدائها.
وقد كتب العديد من الشعراء العرب قصائد وأبيات عن الشهداء. وتحدثوا في قصائدهم وأبياتهم عن مكانة الشهداء ومنزلتهم. وبعض هذه القصائد كانت رثاء لشهداء، في حين كان بعضها افتخار بهؤلاء الشهداء.
كما كتب بعض الشعراء قصائد على لسان الشهداء أنفسهم، وتحدث بعض الشعراء إلى الشهداء بعد رحيلهم. وفي بعض القصائد، نجد أن الشاعر يحكي اللحظات الأخيرة من حياة الشهداء.
ومن بين كل الشعراء الذين كتبوا القصائد عن الشهداء، فإن شعر محمود درويش عن الشهداء يكتسب زخما كبيرا. ذلك أن الشاعر فلسطيني مهموم بالقضية الفلسطينية ومصير أهل فلسطين، الذين يقدمون الشهداء كل يوم.
وقبل أن نستعرض سويا بعض من شعر محمود درويش عن الشهداء ، سنقدم نبذة صغيرة عن الشاعر الراحل محمود درويش.
محمود درويش
محمود درويش هو من أبناء دولة فلسطين، ولد في العام ألف وتسعمائة وواحد وأربعين ميلادية (1941 م). وهو من مواليد قرية فلسطينية تقع بالقرب من ساحل عكا تسمى “البروة”.
تمكن محمود درويش من اجتياز مرحلة تعليمه الثانوي في حيفا. بعد ذلك، التحق محمود درويش بالصحف التابعة للحزب الشيوعي وعمل بها.
اعتقل الشاعر الفلسطيني محمود درويش اكثر من مرة من قبل العدو الصهيوني المحتل. وكان الاعتقال بسبب مواقف وآراء محمود درويش السياسية.
في العام ألف وتسعمائة وسبعين ميلادية (1970 م)، ترك محمود درويش فلسطين وسافر متنقلا بين القاهرة وموسكو وبيروت وعمان.
في العام 2008 م، غادر الشاعر الفلسطيني الكبير علامنا، وتوفي في تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد اثرى محمود درويش الشعر العربي بعديد من المؤلفات والقصائد والدواوين.
شعر محمود درويش عن الشهداء
يتنوع ويتعدد شعر محمود درويش عن الشهداء بين عدة قصائد. سنعرض بعض من هذه القصائد فيما يلي:
قصيدة شهيد الأغنية
بالحديث عن شعر محمود درويش عن الشهداء فإن قصيدة شهيد الأغنية تعتبر من أجمل ما كتب. ويقول فيها الشاعر الراحل:
نصبوا الصليب على الجدار
فكّوا السلاسل عن يدي.
و السوط مروحة.و دقات النعال
لحن يصفر: سيدي!
و يقول للموتى: حذار !
_يا أنت !
قال نباح وحش:
أعطيك دربك لو سجدت
أمام عرشي سجدتين !
و لثمت كفي، في حياء، مرتين
أو ..
تعتلي خشب الصليب
شهيد أغنية.. و شمس!
ما كنت أول حامل إكليل شوك
لأقول للسمراء: إبكي!
يا من أحبك، مثل إيماني ،
ولاسمك في فمي المغموس
بالعطش المعفر بالغبار
طعم النبيذ إذا تعتق في الجرار!
ما كنت أول حامل إكليل شوك
لأقول: إبكي!
فعسى صليبي صهوة،
و الشوك فوق جبيني المنقوش
بالدم و الندى
إكليل غار!
و عساي آخر من يقول:
أنا تشهيت الردى !
قصيدة طوبى لشيء لم يصل
نتابع شعر محمود درويش عن الشهداء ، إذ يقول في هذه القصيدة:
هذا هو العرس الذي لا ينتهي
في ساحة لا تنتهي
في ليلة لا تنتهي
هذا هو العرس الفلسطينيّ
لا يصل الحبيب إلى الحبيب
إلاّ شهيدًا أو شريدا.
قصيدة مديح الظل العالي
نواصل عرض شعر محمود درويش عن الشهداء ، حيث يقول في هذه القصيدة:
بيروت ليلًا
يخرج الشهداء من أشجارهم
يتفقدون صغارهم
يتجولون على السواحل
يرصدون الحلم والرؤيا
يغطون السماء بفائض الألوان،
يفترشون موقعهم
يسـمّون الجزيرة
يغسلون الماء
ثم يطرزون حصارنا قططـًا ونخلا.