المراد بـ ذكر الله سبحانه وتعالى معنيان رئيسيان أولهما المعنى العام الذي يشمل كل أنواع العبادات من صلاة وقراءة للقرآن وصيام وزكاة وغيرها من العبادات والقربات، لأن الشخص يقيم كل هذه العبادات من أجل ذكر الله تعالى عز وجل.
أما المعنى الثاني فهو المعنى الخاص الذي يراد به ذكر الله سبحانه وتعالى بالألفاظ التي ذكرها الله في كتابه الكريم، وجاءت على لسان نبيه الأمين محمد صلي الله عليه وسلم.
ولاشك أن ذكر الله تعالى من أفضل ما يعتاد الإنسان عليه ويطلقه بلسانه، وذكر الله يشمل تسبيح الله سبحانه وتعالى وتحميده والصلاة على رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وتلاوة آيات القرآن الكريم، وغيرها من أنواع الذكر المتعددة.
وبينت نصوص الشريعة الإسلامية الفضل الكبير والواسع لذكر الله، حيث يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”، كما قال أيضًا “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ”.
وقت استحباب ذكر الله
أما عن وقت استحباب ذكر الله تعالى فيعم جميع اليوم، فالذكر مستحب في جميع الأوقات وكل المناسبات، ومستحب في النهار والليل، وعند الاستيقاظ وعند النوم، وعند دخول المنزل وعند الخروج منه، وفي جميع حالات وأوقات الإنسان، وحث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام على ذكر الله تعالى وبين فضله وارشد إليه في كل وقت كأذكار الصباح والمساء، وأدباء الصلوات الخمس، وقد قال النبي عليه افضل الصلاة والسلام مرّةً لأصحابه رضوان الله عليهم: (سبقَ المُفرِّدونَ قالوا: وما المُفَرِّدونَ يا رسولَ اللهِ؟ قال الذَّاكرون اللهَ كثيراً، والذَّاكراتُ)، كما ذكر الرسول عليه السلام في مواضع أخرى أن أحب الكلام إلى الله سبحانه تحميده، وتسبيحه، وتوحيده، وتكبيره.
فوائد ذكر الله تعالى
هناك فوائد كبيرة وعظيمة لذكر الله سبحانه وتعالى، وقد ذكر الإمام ابن القيم – رحمه الله – أن فوائد الذكرى تتخطى الـ 100 فائدة، ونذكر بعض منها فيما يأتي:
1- يرضي الرحمن عز وجل ويطرد الشيطان.
2- يدخل السرور والهناء والفرح لقلب الإنسان وينور وجهه ويزيل الهم عن قلبه.
3- ذكر الله تعالى يجلب رزق الله للإنسان.
4- يجعل الإنسان على علم بانه مراقب من الله تعالى، وهو ما يؤدي به لمرتبة ومنزلة الإحسان التي يعبد الإنسانفيها الله تعالى وكأنه يراه، فالغافل عن ذكر الله تعالى لا يمكن أن يصل لمرتبة الإحسان.
5- يؤدي لإنابة العبد لله سبحانه وتعالى ورجوعه إليه، كما أنه يقرب العبد منه.
6- الذكر يفتح للإنسان أبواب المعرفة، ويعظم مهابة الله سبحانه وتعالى في قلبه، لكن الغافل عن الذكر فإن حجاب الهيبة في قلبة هش ورقيق.
7- من أعظم ثمار الذكر، بأنه سبب في ذكر الله سبحانه وتعالى للعبد أيضًا، حيث يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “فاذكُروني أَذكُرْكُم”، وهذه وحدها في فوائد الذكر تكفي فضلاً وشرفًا.
8- الذكر يحيي القلوب ويعد قوت قلب الإنسان وروحه.
9- يحط الذنوب والخطايا عن الإنسان ويزيل الوحشة ما بين العبد وربه.
10- عندما يذكر الشخص الله سبحانه وتعالى في العافية، يعينه ذلك على ذكر الله في وقت الشدة.
11- الذكر يعمل على نزول السكينة وشعور الإنسان بالرحمة، بالإضافة لنزول الملائكة عليهم السلام، وحفوفها للمجالس التي يكون فيها الذكر.
12- يقي الإنسان من الشعور بالندم، والحسرة يوم القيامة.
13- الذكر سببٌ في عطاء الله تعالى، وإنعامه على العبد، فإنّه سبحانه يعطي الذاكرين أكثر ممّا يعطي السائلين.
14- سببٌ في حصول الغرس في الجنة للإنسان.
15- نورٌ للإنسان في الدنيا، وفي القبر، ويوم القيامة، وهو سببٌ في اطمئنان قلبه، وشعوره بالأمان.
16- سببٌ في حضور القلب، وتنبّهه، وهو سببٌ في زوال الغفلة عنه كذلك.
17- ذكر الله -عزّ وجلّ- هو رأس الشكر له، فمن لم يذكره لم يكن شاكراً له.
18- سببٌ في حصول الكرامة للإنسان عند ربه تعالى، فإنّ أكرم المتقين عند الله -تعالى- من كان لسانه رطباً دائماً بذكره.
19- سببٌ في استجلاب النعم، ودفع النقم عن الإنسان.
20- سببٌ في انشغال الإنسان عن كلام اللهو، والغيبة، والنميمة، ونحوها من آفات اللسان، فنفس الإنسان إن لم يشغلها بالحق شغلته بالباطل.
21- في القلب فراغٌ لا يسدّه شيءٌ البتة، إلّا ذكر الله عزّ وجلّ، فإذا صار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة، واللسان تبعٌ له، فهذا هو الذكر الذي يسد الخلّة ويُفني الفاقة.
22- الذكر سببٌ لتصديق الله تعالى عبده؛ لأنّه يخبر عن الله بأوصاف كماله، ونعوت جلاله، فإذا أخبر بها العبد صدقه ربه، ومن صدقه الله تعالى لم يحشر مع الكاذبين، ورُجي له أن يحشر مع الصادقين برحمة من الله تعالى.
أنواع ذكر الله وأحواله
هناك أحوال عديدة للذكر، حيث يمكن للإنسان أن يذكر الله سبحانه وتعالى بلسانه فقط، ويمكن أن يذكره بقلبه فقط، ويمكن أن يذكره بلسانه وقلبه معًا وهذه هي أكمل صور الذكر لله عز وجل، خاصة وأن القلب عندما يتحدث مع لفظ اللسان يزيد الإيمان فيه ويرق أكثر له.
وللذكر أنواع حسب موضع نرصدها فيما يلي..
1- الذكر المطلق: هو ذكر الله سبحانه وتعالى طوال اليوم دون أن يكون ذكره متعلقًا بوقت أو مكان أو حالة معينة.
2- الذكر المقيّد: وهو الذكر الذي يتعيّن في وقت محدد، أو مكانٍ محددٍ، أو حالٍ محددةٍ من أحوال الإنسان، ومثال هذا النوع: أذكار ما بعد الصلوات، والذكر الذي يكون بعد الأذان، وهذا الذكر مقدّمٌ على الذكر المطلق لما فيه من معنى اتّباع الرسول صلّى الله عليه وسلّم، واتباع سنته النبوية الشريفة.