هو النبي سليمان بن داود بن أبشا بن عوير، بعود نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، ويقال أنه كان لونه أبيض، شعره كثيف ويلبس ثياباً أبيض، وكان خاشعاً متواضعاً، يخالط المساكين، وعلى الرغم من صغر سنه كان والده يستشيره في أمور؛ وذلك لحكمته، وفطانته، واعطاه الله نعم عظيمة، وصفات لم توجد في غيره من الأنبياء منها معرفة منطق الطير حيث قال تعالى:
(قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)
وكان النبي سليمان قادراً على التحكم بالكثير من المخلوقات، والكائنات كالإنس والجن والرياح والنحاس الذي كان يلين بين يديه حيث قال تعالى:
(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)
وذكر الله اسمه في ست عشر أية، وسبع سور في القرآن الكريم، ورث سيدنا سايما سيدنا دواود في الملك يقول الله تعالى:
(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ)
ويعني ذلك أنه ورثه في الملك والنبوه، ولا يعني أنه ورثه في المال حيث أن الأنبياء لا يورثون، لكن تكون أموالهم للفقراء، والمحتاجين فقال النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم:
(نحن معشر الأنبياء لا نورث بل تركناه صدقة)
وفيما يلي سوف نتحدث عن قصص سيدنا سليمان عليه السلام.
قصة سيدنا سليمان مع النمل
كان سيدنا سليمان عليه السلام يسير بجيشه من الجن والإنس، وفي الطريق سمع صوت نملة تقول لزميلاتها أن يبتعدوا عن الطريق حتى لا يحطمهن جند سليمان دون أن يرونهن:
(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
تبسم نبي الله سليمان عليه السلام عندما سمع كلام تلك النملة، وكان سعيداً بما آتاه الله من فهم كلام الحيوانات والطيور والدواب، ثم شكر ربه على هذه النعم الذي أنعم به عليه، وعلى والديه وخصه به دون غيره من الناس، ودعا ربه أن يحشره مع الصالحين فاستجاب له الله سبحانه وتعالى كما جاء في الآية الكريمة:
(فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)
قصة سيدنا سليمان مع الهدهد
كان سيدنا سليمان يتفقد جنده بإستمرار، وعندما علم بغياب الهدد دون إذنه أقسم سيدنا سليمان على تعذيب الهدهد إن لم يأت بعذرٍ عن غيابه كما جاء في قوله تعالى:
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ)
وكان سبب غيابه أنه رأي قوماً يعبدون الشمس فذهب ليعرف أخبارهم فوجد أنهم تحكمهم إمرأه تدعى بلقيس عندها قصر عظيم وكل الأمه تخضع لحكمها ثم عاد لنبي الله سليمان ليعلمه بما رأه، وكان هؤلاء القوم يدعون بقوم سبأ في اليمن فأراد سيدنا سليمان أن يتأكد من كلام الهدهد، ويعرف إن كان صادقاً أم لا، وكتب له رسالة، وطلب منه أن يلقيها على هذه المرأة، وينتظر حتى يرى ماذا سوف تفعل ففعل الهدهد ما أمره به سيدنا سليمان، ففتحت بلقيس الرسالة متعجبة من أين اتت اليها هذة الرسالة فجمعت بلقيس القوم، وقالت لهم ماذا افعل إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون فقالو ماذا نفعل يا بلقيس فقالت سوف أرسل له هدية قافلة كبيرة محملة بالذهب والفضة وكل ما ينعم به الإنسان إذا قبلها فهو ليس نبيا كما يقول فعندما وصلت إلى سيدنا سليمان علم أنها رشوة فأمر الرسول أن يرجع بها إلى بلقيس، وجمع قومه، وقال لهم من يأتيني بعرش هذه الملكة فقل عفريت من الجن أنا آتيك بعرشها بعد مدة قصيرة، ولكن سليمان كان يريده أن يأتي بأسرع وقت ممكن فقال جندي آخر من جند سليمان:
(أنا آتيك به قبل أن يرجع إليك بصرك إذا نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته)
وفعلاً حدث ماقال وظهر عرش ملكة سبأ أمام سيدنا سليمان فأمر سيدنا سليمان بتغير بعض معالم العرش لكي يمتحنها هل تعرفه عندما تراه أم لا فلما رأته لم تشعر بأي تغير فلما سألها سليمان عنه قالت كأنه هو لصعوبة نقلة، واستحالة فعل ذلك، فلما تأكدت أن ذلك عرشها وعلمت بصدق نبوة سليمان آمنت به، وتبرأت مما كانت تعبد هي وقومها.