من منا لم يطرب يوما لأبيات الشاعر أبو القاسم الشابي التي قال فيها “إذا الشعب يوما أراد الحياة”؟ الإجابة: لا أحد. كل الناطقين بلغة الضاد تعلقوا بأبيات وأشعار أبي القاسم الشابي وأحبوها وحفظوها. الجميع عشقها ورددها في أحلك الظروف.
والشاعر أبو القاسم الشابي هو أحد أهم أعلام الشعر العربي الحديث الذين بزغ نجمهم سريعا كما انتهت حياتهم سريعا. وكانت قصائده تملك من البلاغة والفصاحة والبيان ما جعل مريين العرب يرددونها رغم عقود من وفاته.
لقد ترك لنا الشاعر أبو القاسم الشابي إرثا عظيما، رغم حياته القصيرة. وحتى إن كان القدر لم يمهله ليمتعنا بإبداعاته، فإنه حفر اسمه بين الشعراء الكبار. وفي هذا الموضوع سنلقي الضوء على حياة الشاعر أبو القاسم الشابي ورحلته.
أبو القاسم الشابي
هو واحد من أبناء تونس الخضراء، إذ أنه من مواليد إحدى قرى الجنوب التونسي. وولد أبو القاسم في اليوم الرابع والشعرين من شهر فبراير لعام ألف وتسعمائة وتسعة ميلادية (1909 م). وكان ميلاد أبي القاسم في قرية تدعى “الشابة” في محافظة توزر جنوبي تونس، ومنها اشتق لقبه “الشابي”.
والد أبي القاسم الشابي هو القاضي الشرعي الشيخ محمد بن القاسم الشابي، أحد المتخرجين من الأزهر. وقد درس والده لمدة عامين في جامعة الزيتونة. وساهم كل ذلك في أن ينشأ أبو القاسم الشابي في بيت علم وأسرة متدينة.
وكان أبو القاسم الشابي كثير الترحال مع والده ما بين مدن تونس المختلفة، تبعا لأماكن عمل الوالد. وقد كان لهذه الرحلات دور مهم في زيادة المحصلة المعرفية لأبي القاسم الشابي عن بلده تونس ومدنها وقُراها.
ورغم رحلاته المتعددة، لم تدم رحلة أبي القاسم الشابي كثيرا. ففي اليوم التاسع من شهر أكتوبر من عام ألف وتسعمائة وأربع وثلاثين ميلادية (1934 م) غادر عالمنا. وكان عمر أبي القاسم الشابي عند وفاته 25 عاما فقط. وكان أبو القاسم الشابي قد أصيب قبل وفاته بثلاثة أعوام بتضخم في عضلة القلب.
وبعد صراع قصير نسبيا مع مرض قلبه، رحل أبو القاسم الشابي عن عالمنا. وكان مشهد الختام لحياته في المستشفى الإيطالي او مستشفى الحبيب ثامر، في العاصمة تونس.
أبو القاسم الشابي ومسيرته التعليمية
تلقى الشاعر أبو القاسم الشابي تعليمه خلال المرحلة الابتدائية في جنوبي تونس، وتحديدا في مدينة قابس. وكان أو القاسم الشابي يتلقى تعليمه باللغة العربية. وقد أتم أبو القاسم حفظ القرآن الكريم كاملا وهو في التاسعة من عمره. وقد أعانه على حفظه قوة ذاكرته.
بعد ذلك، تلقى أبو القاسم الشابي تعليمه من والده، حيث علمه أصول اللغة العربية، كما درس له أصول الدين الإسلامي. وعندما أتم أبو القاسم الشابي عماه الثاني عشر، في سنة 1920 م، توجه على تونس العاصمة ليتحلق بجامع الزيتونة ويكمل تعليمه هناك.
وخلال تلك الفترة، لم يكن أبو القاسم الشابي يكتفي بما يدرسه في الكلية الزيتونية، بل كان يطالع ويقرأ كتبا خارجها. وقد أفاد ذلك في توسيع مدارك ومعارف أبي القاسم الشابي. وكان كثير التردد على المكتبة الخلدونية والمكتبة الصادقية. وقرأ أبو القاسم الشابي الأدب العربي قديمه وحديثه، والأدب الأوروبي اعتمادا على ما يترجم منه.