هو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالع بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح، وأمه تدعى نونا بنت كرنبا بن كوثا من قوم بني أرفخشد بن سام، يعد سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء فكان له مكانه عظيمة عند الله سبحانه وتعالى حيث لم يأتي نبي بعده إلا وكان من نسله فكان ابنيه إسحاق وإسماعيل أنبياء، ومن نسل إسحاق سيدنا يعقوب عليه السلام ومن نسل إسماعيل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فكان حمله الديانات الثلاثة من نسل سيدنا إبراهيم عليه السلام، وفيما يلي سوف نتحدث عن قصة سيدنا إبراهيم.
قصة سيدنا إبراهيم
نشأ سيدنا إبراهيم بين قوم يعبدون الأصنام، فكان يفكر كثيراً كيف أن يكون الإله من حجارة لا يتكلم، ولايمتلك عقلاً، وكيف للناس أن يصنعون الإله، والإله هو من يخلق الناس فأخذ يفكر طويلاً حتى رأى كوكباً لامع في السماء، فظن أنه قد وجد الإله ,صاح بشدة ,وأخبر قومه أنه قد وجد الإله حتى جاء الصباح ولم يجده، فعلم أن هذا ليس الإله فالإله موجود دائماً لا يختفي أبداً، فأخذ يبحث مرة أخرى عن الإله، وفي يوم ما وبينما كان يبحث عن الإله وجد القمر كاملاً ينير السماء فظن أيضاً أنه الإله، ولكنه أيضاً لم يجده في الصباح فحزن حزناً شديداً.
فأخذ يبحث كثيراً حتى رأى الشمس ساطعه في يوم من الأيام فنظر إليها ووجد أنها ضخمة تنير الكون كله فصاح إبراهيم وظن أنه قد وجد الله، ثم بعد ساعات بدأت الشمس تتجه نحو الغروب، فعلم إبراهيم أنها ليست الإله. وأخيراً أدرك إبراهيم أن الله موجود ولكن لا نستطيع أن نراه، وهو الذي خلق كل هذا من شمس وقمر ونجوم وكواكب، فذهب سيدنا إبراهيم لأبيه الذي كان يصنع تلك التماثيل ليتحدث معه ويخبره عن رحلة بحثه عن الله، وحذره أنه إذا استمر في عبادة تلك الأصنام فسوف يكون مصيره جهنم، فغضب أبيه منه غضباً شديداً وصاح في وجهة، وهدده بالضرب والقتل إن لم يرجع عن تفكير، وطلب منه أن لايراه مره أخرى إذا استمر على ذلك، وعندما علم سيدنا إبراهيم أنه لا فائده من أبيه تركه، وذهب إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله تعالى.
قصة سيدنا إبراهيم مع النمرود
ذهب سيدنا إبراهيم عليه السلام ليتحدث مع الملك نمرود فقال له كيف أن تكون الأله من صنع أيديهم فهي لا تضر ولاتنفع فقال له نمرود هذا ما وجدنا عليه آبائنا وأجدادنا فرد سيدنا إبراهيم قائلاً تلك العادات ما هي إلا ضلال مبين، فغضب قوم إبراهيم غضباً شديداً لأنه يستهزأ بألهتهم، فقال لهم سيدنا إبراهيم بأن الله هو الذي يحي ويميت فرد عليه نمرود قائلاً أنا أميت وأحيي وأمر بإحضار رجلين وأمر بقتل إحداهما وترك الأخر وظن أنه بذلك قد أمات وأحيى، فقال سيدنا إبراهيم أن الله هو الذي يأتي الشمس من المشرق وغروبها من المغرب فلم يستطيع نمرود أن يرد على سيدنا إبراهيم كما جاء في كتابه العزيز، وقال تعالي:
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
وسخر قوم سيدنا إيراهيم منه وأقدموا على أذيته فقام الله بهلاكهم حيث أرسل إليهم الله كميات مهولة من البعوض لدرجة أن البعوض منع عنهم ضوء الشمس، وآكل من أجسادهم، وانتشرت بينهم الأمراض، وسلط الله ذبابة دخلت في أنف نمرود وعذبته عذاباً شديداً حتى مات.
و عند خروج قوم سيدنا إبراهيم لحضور احتفالاً في مكان ما بالمدينة قام سيدنا إبراهيم عليه السلام بتحطيم جميع الأصنام التي توجد بالمعابد، وعندما رأى قوم إبراهيم ما حل بألهتهم لم يتسألوا حتى كيف لا يستطيعون الدفاع عن نفسهم بل عمي الكفر قلوبهم، وتذكروا إبراهيم وماكان يدعوهم إليه، فأمروا بإحضار سيدنا إبراهيم، وسألوه عن ما حل بألهتهم فقال لهم إسالوا كبير الأصنام فأنه مازال سليماً، فقالوا له كيف نسأله وهو لا ينطق، فرد إبراهيم قائلاً أرايتهم ما تعبدون لاينطقون ولايعقلون حينها فكر قوم إبراهيم قليلاً وأدركوا ضلالهم، ولكنهم لم يتراجعوا عن كبرائيهم.
قصة سيدنا إبراهيم والنار
أمرا قوم سيدنا إبراهيم بإحراقه، لأنه علموا أنه هو الذي قام بتدمير ألهتهم فوجهزوا كل شئ لإحراقه، وإجتمع القوم ليكون عبره لغيره، ولم يستطيع أحد الأقتراب من النار لشدة حرارتها وضعوا سيدنا إبراهيم في آله تسمى المنجنيق لإلقائه في النار، وكان الناس يسخرون منه لأنه هو الذي كان يحذرهم من النار وها هو يدخل النار بنفسه فأمر الله النار أن تكون باردة على سيدنا إبراهيم، قال تعالى:
( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)
كانت النار تبدوا مخيفة لكنها لم تؤثر على سيدناً إبراهيم فكان يسبح الله ويحمده حتى انطفأت، وخرج سيدنا إبراهيم سليماً فخاف القوم منه، وظنوا أنه شيطان لا تحرقه النار وابتعدوا عنه، وارسل الله تعالى إلى قوم سيدنا إبراهيم العذاب الشديد حتى هلكوا، وانتقلت هذه القصة إلى كل مكان ولم ييأس سيدنا إبراهيم واستمر يدعو العباد للإيمان بالله، ولم يؤمن به أحد إلا رجل يدعي لوطاً، وإمرأة تسمى سارة، لم يستجيب له أبيه وابنه حتى اهلكهم الله، ذكرت قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام في كثير من السور في القرآن الكريم مثل سورة الأنعام، قال تعالى:
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)