قصة صاحب الجنتين من القصص التي ذكرها لنا الله عز وجل في القرآن الكريم وجعل فيها لنا الكثير من الدروس التي يتعلم منها المؤمنون في كل زمان، في القرآن الكريم تجد الكثير من القصص التي ذكرها الله تعالى حتى يتعظ منها المسلمون ويعتبرون ويتعلمون منها ما يفيدهم ويتناولون الدروس في الحياة اليومية، فالله عز وجل لم يجعل القرآن الكريم مجرد كتاب به أحكام وأوامر إلهية، ولكنه جعل فيه كل ما يهم المسلم في حياته بالكثير من القصص التي حدثت في أزمنة الأنبياء السابقين، ونحن نستعرض لكم من خلال هذه المقالة قصة صاحب الجنتين وأهم الدروس المستفادة منها.
قصة صاحب الجنتين
وردت قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف وهي واحدة من سور القرآن العظيمة تروي لنا الفرق بين من يتوكل على الله ومن يزهو بنفسه، فصاحب الجنتين هنا هو صاحبهما في الدنيا، فمعنى كلمة الجنة أي البستان أو الحديقة الكبيرة وليس معناها جنة الآخرة، فهي قد ذكرت في قصتنا اليوم بلفظ الجنة كناية عن كبرها وعظمتها وجمالها.
الرجل الأول وهو من يتوكل على الله هو رجل فقير ولكنه مؤمن ويرضى بقضاء الله ويتوكل عليه في كل خطوة ويعلم أن الله تعالى هو الرزاق الكريم، وأن الصابرون في الدنيا على الفقر يجزيهم الله سبحانه وتعالى جزاء كبيراً في الآخرة، وأن جنات الآخرة لا يمكن مقارنتها بجنات الدنيا ولا أي شيء في الدنيا ويعيش على أمل أن يبدله الله خيراً في الدار الآخرة، لأنه آمن بحكمة الله عز وجل في خلق البشر منهم الغني والفقير.
أما الرجل الثاني والذي يزهو بنفسه هو رجل أتاه الله مالاً وبستانين كبيرين من أشجار العنب المحفوفة بالنخيل وكانت تلك البساتين ذات ثمار متنوعة وكثيرة وقد فتنته هذه الأموال والأملاك حيث راح يزهو بنفسه وأنه قد جمعها بمجهوده ولم يشكر الله عز وجل على ذلك بل كفر أيضاً بأنعم الله وما أتاه من فضله وظل يزهو بنفسه وبأملاكه أمام الرجل الفقير وكان يتكبر عليه ويعتز بنفسه رغم أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب النعم وهو الذي أنعم على صاحب الجنتين بماله وأملاكه وقادر على إزالة هذه النعم كما أعطاها.
وحين بدأ الحوار بين صاحب الجنتين وبين الفقير ظهرت العزة في حديث صاحب الجنتين ونسب فضل كل تلك الأملاك إلى نفسه وإلى عمله وأنكر فضل الله عليه وكان كافراً به ولم يذكر فضل الله عليه، فرد عليه الرجل الفقير تذكيراً له بضعفه كإنسان في النهاية مخلوق من تراب وكان مجرد نطفة والله سبحانه وتعالى هو من خلقه وأعطاه هذا الرزق، وأنه من المفترض أن يقول ما شاء الله إذا دخل بستانه أو جنته ليظل يذكر نعمة الله عليه ولا يفخر بنفسه، فالله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء هو من رزقه هذه البساتين في الدنيا، فإن شكره وحمده طول الوقت يبدله خيراً منها أيضاً في الآخرة.
الدروس المستفادة من قصة صاحب الجنتين
وتابع الرجل الفقير بأن الله تعالى قادر على أن يبدل الأحوال فيزيل ملك الرجل الغني ويعطي الفقير ملكاً كبيراً من فضل الله عز وجل، وكان هذا الموقف بمثابة إنذار من الله عز وجل للرجل الغني صاحب الجنتين حتى يعود إلى الله ويشكر فضله على ما أتاه من النعم، لكن هذا لم يزيد الرجل إلا كفراً وتباهي بنفسه، فأرسل الله صاعقة من السماء على بساتينه وأملاكه فأصبحت صحراء جرداء وزالت النعم منه لكفره وضلاله، فندم على ذلك ورجع إلى ربه ولكن بعد زوال النعم.