مالك بن نبي ، هو أحد العرب الأعلام في الفكر الإسلامي في العصر الحديث، ويعد هو أحد رواد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين بما يجعله امتدادًا لابن خلدون.
مالك بن نبي
ولد مالك بن نبي عام 1905 الموافق 1323 هجرية، وكانه مولده بمدينة قسنطينة في الجزائر، وينتمي لأسرة إسلامية محافظ، وكان والده موظفًا بالقضاء الإسلامي.
وتابع مالك بن نبي دراسته القرآنية والابتدائية بالمدرسة الفرنسية وتخرج عام 1925، وسافر بعدها مع أحد أصدقائه إلى فرنسا ولكنها كانت تجربة فاشلة عاد بعدها إلى الجزائر ليعمل في محكمة آفلو عام 1927، وبدأ عقله يتفتح علي أحوال بلاده من خلال الاحتكاك بالمواطنين، واستقال من منصبه القضائي عام 1928 بعد نزاع مع كاتب فرنسي في المحكمة.
وسافر مالك بن نبي للجزائر مجددًا عام 1930 في رحلة علمية حاول خلالها الالتحاق بمعهد الدراسات الشرقية ولكنه لم يكن مسموح للجزائريين الالتحاق به في ذلك الوقت، مما اضطره لتعديل رغبته والالتحقاق بمعهد اللاسلكي ليتخرج منه مساعد مهندس كهربائي.
وأثرت خبرة مالك بن نبي التقنية في فكره أكثر من تأثره بالمجال القضائي أو السياسي.
حياة مالك بن نبي
يعتبر مالك بن نبي أحد أعلام الفكر الإسلامي العرب من الذين نبهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة، والعمل علي بناء فكر إسلامي حديث ودراسة المشكلان الحضارية بشكل عام وهو ما تناوله في موضوعاته المختلفة ومناهجه التي اعتمد عليها في دراسته.
ويعد مالك بن نبي أول باحث يعمل علي تحديد أبعاد للمشاكل وتحديد العناصر الأساسية لإصلاحها، ويتجه للبحث في العوارض، ويعد هو أول من أسس بحث مشكلة المسلمين الحديثة علي أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ.
تزوج مالك بن نبي من إمرأة فرنسية، واختار العيش في فرنسا، واتجه لتأليف الكتب عن قضايا العالم الإسلامي واستعراضها بالبحث العلمي ووضع الأسباب والحلول.
ومن أهم الكتب التي ألفها مالك بن نبي كتاب الظاهرة القرآنية عام 1946م، وكتاب شروط النهضة في 1948 باللغة الفرنسية وتم ترجمة الكتاب إلى العربية عام 1960.
وطرح مالك بن نبي في كتاب شروط النهضة مفهوم القابلية للاستعمار ووجه للعالم الإسلامي عام 1954، ويعد كتابه “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي” من أهم المؤلفات العربية في القرن العشرين.
فر مالك بن نبي من فرنسا إلى القاهرة بعد إعلان الثورة الجزائرية عام 1954م، وحظى باحترام كبير في مصر، ولذلك كتب مؤلفه “فكرة الإفريقية الآسيوية” عام 1956، وتم تعيينه مستشارًا لمنظمة التعاون الإسلامي وهو المنصب الذي سمح له بمواصلة الكتابة الفكرية.
وعاد مالك بن نبي للجزائر بعد استقلالها وذلك في عام 1963، وعين في عام 1964 مديرًا للتعليم العالي، وأصدر كتابه “آفاق جزائرية” وعمل على كتابة الجزء الأول من مذكراته.
استقال مالك بن نبي من منصبه عام 1967 م ليتفرغ للعمل الفكري والتوجيه المتعلق بالحضارة الإسلامية ولذلك ساهم بمقالات متتابعة في الصحافة ووضع من خلالها تصوراته حول إشكالات الثقافة والحضارة ومشروع المجتمع.
وفاة مالك بن نبي
توفي مالك بن نبي في أكتوبر 1973 الموافق لعام 1393 هجرية، وتم دفنه في مقبرة سيدي أمحمد بوقبرين بمدينة الجزائر.
وترك مالك بن نبي ورائه ثروة فكرية كبيرة، وأوصى بعض المقربين منه بتنظيم ملتقيات لتوعية الأجيال، وأمر بفتح مسجد في الجامعة المركزية في خضم الصراعات الفكرية والمذهبية، وطبعت العديد من الكتب عن حياته وفكره خاصة من قبل المهتمين بالنهضة والإصلاح.