نظرية التطور تكاد تكون أكثر النظريات المثيرة للجدل في التاريخ، ويعتبر العالم البريطاني “تشارلز داروين” هو أول من وضع أسس للنظرية في كتابه “أصل الأنواع” عام 1859، واعتمد داروين على طريقة الانتقاء الطبيعي للوصول إلى أصل الكائنات الحية الموجودة حاليا ومقارنتها مع الحيوانات المنقرضة، معتمدا على تطور الجينات الوراثية لنوع معين من الحيوانات وتطورها على مدار السنين مما يؤدي إلى ظهور أنواع جديدة بصفات مختلفة.
ما هي نظرية التطور؟
استخدمت كلمة التطور لأول مرة لوصف عملية تحول الزيجوت إلى فرد كامل وذلك قبل ظهور نظرية داروين بسنوات عديدة، وتهدف نظرية التطور إلى اكتشاف أصل الكائنات الحية، حيث يعتقد أن التشابه في الصفات بين فصيل محدد من الكائنات الحية يعني أن جميعها جاءت من أصل واحد وتغيرت صفاتها تدريجيا على مر السنوات لتتكيف مع البيئة، مثل التشابه بين القطط المنزلية والقطط الكبيرة مثل النمور والأسود، ليكون الحيوان المشترك بينهما هو الشيتا.
جاء في كتاب أصل الأنواع لداروين أن التغيير الذي يحدث للكائنات الحية التي تنحدر من أصل واحد، ليس تغييرا في الشكل فقط وإنما في سلوكها أيضا، وذلك حتى تمنح الكائنات الحية أفضل طريقة للتكيف مع كل بيئة بشكل مختلف عن غيرها، لتساعده على البقاء حيا وللحفاظ على نوعه من الانقراض، كما أن الكائنات التي تعيش في نفس البيئة تشترك في الخصائص والصفات لأن لها نفس الاحتياجات.
الإنسان أصله قرد
أشار داروين في نظريته أن الإنسان والقرد كلاهما ينحدر من أصل واحد وذلك بسبب الصفات الشكلية والجسمانية والسلوكيات المشتركة بين الجنسين، ويشير داروين إلى أنه يوجد عدد من الكائنات الحي الوسيطة بين الإنسان والقرد والتي تتشابه في صفاتها مع النوعين، مثل الغوريلا والشامبانزي وإنسان الغاب.
تسببت مقولة أن “الإنسان أصله قرد” في توجيه النقد إلى نظرية التطور من قبل رجال الدين المسيحي واليهودي وحتى الإسلام، واتهموا المؤمنين بنظرية التطور بالإلحاد، وتجدر الإشارة إلى أن داروين لم يقل صراحة في كتابه أن الإنسان أصله قرد، ولكنه وضع نظريات وأدلة تشير إلى علاقة بين النوعين أي أن العلاقة بينهما تشبه أكثر علاقة أبناء العم عن الأبوة.
نظرية التطور وأصل الحيتان
للإجابة عن سؤال ما هي نظرية التطور؟ يجب توضيح المثال التالي والذي يتحدث عن أصل الحيتان، حيث ذكر داروين في الطبعة الأولى من كتاب أصل الأنواع، أن الدببة السوداء التي كانت تستوطن قارة أمريكا الشمالية قد تطورت إلى الشكل الحالي للحيتان، حيث أنها كانت معروفة بقدرتها على السباحة والصيد وأفواهها مفتوحة.
انتقد العلماء تصور داروين لنظرية تطور الحيتان وأن أصلها هو الدببة السوداء، وفشل داروين في إثبات نظريته فتراجع عنها وحذف هذا الجزء من الطبعات التالية لكتابه، لكن مع تقدم العلم توصل العلماء إلى تصور آخر عن نظرية تطور الحيتان وذلك باعتبار أن أصلها الأبقار أو حيوان فرس النهر بدلا من الدببة.
الأدلة على صحة نظرية التطور
توجد العديد من الأدلة التي تؤكد على صحة نظرية التطور من خلال دراسة التكوين السلوكي والجسماني للكائنات الحية، ومن أهم هذه الأدلة ما يلي:
- الأعضاء الضامرة حيث تشير الحفريات والهياكل العظمية للحيوانات إلى وجود أعضاء في أجسام هذه الحيوانات لكنها ليست موجودة في أجسامها في الوقت الحاضر، أي أن هذه الأعضاء كانت لها وظيفة محددة في الماضي لكن تطور الكائن الحي وأسلوب حياته وبيئته غيروا تلك الوظيفة، مثل طائر الكيوي الذي لديه عظمة جناح دون أن يكون لها جناح من الأساس.
- وجود أعضاء في جسم الكائن الحي تغيرت وظيفتها حاليا عن وظيفتها في نفس نوع الكائن قديما، مثل الزائدة الدودية في جسم الإنسان والتي يعتقد أنها كانت تساعده على هضم النباتات وكان حجمها أكبر لكن الآن أصبحت ليست ذاى قيمة لأن الإنسان أصبح يعتمد على اللحوم في غذائه، وحلمة الثدي في أجسام الذكور، وعظمة العصعص الموجودة في الحيوانات ذات الذيول لكنها ضمرت في الإنسان.
- أجنة الحيوانات الفقارية تكون متشابهة جدا في تكوينها الجسماني وهيكلها العظمي قبل الولادة.