تعرف الأسرة في الإسلام بأنها المجموعة التي توجد بعد الزواج المشروع، مع التزام كل طرف من أطرافها بالحقوق والواجبات المتعلقة بها، ويشمل مفهوم الأسرة كل ما ينتج من أولاد وما يرتبط بها من أقارب، أما الأسرة الممتدة هي التي تشمل الجد الأكبر وما له من زوجات وأحفاد وأولاد وزوجات الأولاد ويعيشوا معًا في نفس المكان، ويكون الجد الأكبر هو المتصرف بشؤون وأمور الأسرة كما يقوم بتحقيق الأمن والاستقرار فيها.
الأسرة في الإسلام
وبناءًا على ما سبق فإن الأسرة تشمل الزوجين والأقارب أيضًا، ويقول الله تعالى في سورة النحل الآية 72: “وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ”.
وفي الوقت الحاضر يطلق مصطلح الأسرة على الأسرة الضيقة التي تتكون من زوج وزوجة وأولاد، لكن الإسلام أوضح أن الأسرة هي التي تتكون من الأجداد والجدات والزوجين والأولادوام تفرع منهم، كما بين الإسلام الحقوق الواجبة لكلّ فردٍ من أفراد الأسرة، كما وجّههم إلى الطريق الذي تتحقّق من خلاله المشاركة الأسريّة.
أهميّة الأسرة في الإسلام
تعتبر الأسرة هي الأساس الأول الذي يقوم عليه المجتمع، خاصة وأن المجتمع يتكون من مجموعة من الأسر المترابطة ببعضها البعض، وتقاس قوة المجتمع بقدر تماسك الأسر وترابط علاقتها، والأساس في تماسك الأسرة تمسكها بالدين الإسلامي.
وللأسرة أهمية كبير في عديد من الأمور، ونرصد في النقاط التالية بعض منها وهي..
- الأسرة تحقق الحاجة والغريزة الفطريّة والضرورة البشريّة التي تتوافق مع طبيعة الحياة الإنسانيّة، فمثلاً نجد أن الأسرة تعمل على إشباع الرغبة الفطرية التي تتمثل في النسل والأولاد والذرية، كما أنها تعمل على إشباع حاجة الرجل من المرأة، وحاجة المرأة من الرجل، وكذلك جميع الحاجات الجسمية والعاطفية والروحية.
- تسعى الأسرة لتحقيق العديد من المعاني الاجتماعية التي لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود الأسرة، مثل حماية المجتمع من الآفات والأمراض والأوبئة الجسدية والنفسية، حفظ الأنساب وعدم اختلاطها، الوصول للتعاون والتكافل الاجتماعي.
- غرس وصيانة العديد من الأخلاق الكريمة والفضائل الحسنة في الجماعات والأفراد، وهو ما ذكر في القرآن الكريم والسنة النبوية بالأسس الثابتة التي تقوم عليها الأسرة، ومن ذلك بيان بأن أصل الخلق واحد، فالرجال والنساء جميعًا خلق اللهن خلقهم من طين وكلهم من آدم عليه السلام.
- ويقول الله تعالى في سورة النساء الآية رقم 1: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً”، كما بين القرآن الأساس الذي تقوم عليه الأسرة وهو الطمأنينة والمودة والرحمة والسكينة، حيث يقول الله تعالى في سورة الروم الآية21: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”، وذلك لاشك أنه سينعكس بالإيجاب على تربية الأبناء، ويجعلهم ليّنيين لطيفين، متذلّلين وخاضعين لوالديهم، داعين لهم بالرحمة والمغفرة بسبب حسن تربيتهم لهم.
- ومن المبادئ التي تقوم عليها الأسرة المسلمة، العدل والمساواة بين الأفراد في أخذ لحقوقهم الواجبة عليهم، وفي المقابل قيامهم بما عليهم من الواجبات، والأسرة بدورها تقوم بمبدأ التعاون الاجتماعي والتكافل بين أفرادها، ومن أبرز مظاهر تحقيق ذلك، تشريع أحكام الميرات والوصايا والنفقات.
حقوق أفراد الأسرة في الإسلام
كما ذكرنا من قبل أن الأصل في العلاقة بين أفراد الأسرة الواحد أن تقوم على المحبة والطمأنينة والمودة والسكينة، لكن الأسلام أوضح عدة حقوق واجبة لكل طرف من أطراف الأسرة، ونعرض فيما يلي البعض منها وهي..
1- للزوجة
- أوجب الإسلام للزوجة العديد من الحقوق المستقلة، حيث أوجب على الزوج ضرورة رعايتها وأن يعاملها بإحسان.
- ويقول الله تعالى في الآية 19 من سورة النساء: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا”.
- كما يعد من واجبات الزوج الإنفاق على الزوجة حتى ولو كانت غنية، ودليل على ذلك قوله تعالي في الآية 34 من سورة النساء: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم”.
- ومن الواجب على الزوج أيضًا تعليم زوجته أوامر وتعاليم الإسلام وأن يلزمها بها، حيث يقول الله تعالى في الآية 6 من سورة التحريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ”.
- ويجب على الزوج أيضًا أن يحفظ سر زوجته، ويعامل أهلها وأقاربها بإحسان.
2- للزوج
- أوضحت الشريعة الإسلامية العديد من الحقوق الواجبة للزوج، حيث يجب على الزوجة أن تطيعه بالمعرف أي تطيعه في غير المعاصي من الأفعال والأقوال، كمايجب عليها أن ترعى منزله وماله وعرضه.
- حيث يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: “والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها”.
- كما لا يجوز من الزوجة أن تخرج من المنزل دون إذن من زوجها، ولا يجوز للزوجة أن تفشي سرّه، أو لا تحترم أهله وأقاربه، وقد وردت الكثير من الأحاديث النبويّة الشريفة التي بينت حقوق كلٍّ من الزوجين، والحاثّة لكلّ واحدٍ منهما أن يحافظ على حقّ الآخر ويصونها.
3- حقوق الأبناء
- حث الإسلام الوالدين بأن يقوموا بحقوق أبنائهم الواجبة عليهما، حيث يجب عليهما تسمية الأولاد بأفضل وأحسن الأسماء، وأداء العقيقة عنهم.
- ويقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: “الغلامُ مرتهنٌ بعقيقِته يُذبح عنه يومَ السابعِ، ويسمَّى، ويحلقُ رأسه”.
- كما يجب على الوالدين أن يعاملوا أولادهم بالرفق واللين واللطف، وأن يحرصا على العدل والمساواة بينهم، خاصةً بين الذكور والإناث.
- وروى البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير أنّ الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- قال: “فاتَّقوا اللهَ واعدِلوا بينَ أولادِكُم”.
- كما يجب أن يحرص الوالدين على تعليم الأبناء تعاليم الإسلام وآدابه، والإنفاق عليهم، وتلبية حاجاتهم المختلفة.