يعد هارون الرشيد أحد أشهر الدولة العباسية، لاتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهده، وارتفاع المستوى الحضاري والعلمي في الدولة.
هارون الرشيد
هارون الرشيد، واسمه أبو جعفر بن المهدي محمد بن المنصور بن العباس، وولد في عام 763 م، وهو الخليفة العباسي الخامس، وولد هارون الرشيد في خراسان حينما كان والده واليًا عليها، وعمل والده على إعداده ليكون ملكًا.
عرف عن هارون الرشيد أنه كان كثير الغزو والحج، وعرف عنه أيضًا أنه كاني يصلي في خلافته مائة ركعة في اليوم وكان كثير البكاء على ذنوبه، وكان يقدر أهل العلم ويعظم الحرمات، كما ينقل عنه أنه جعل للمعنيين مراتب وطبقات.
خلافة هارون الرشيد
تولي هارون الرشيد الخلافة بعد مبايعته عام 786م -170 هـ، وتم اختياره في هذا الوقت نظرًا لحاجة الدولة الإسلامية مترامية الأطراف لقيادة حكيمة وحازمة للحفاظ على أمنها والنهوض بها، ولذلك كانت فترة خلافة هارون الرشيد هادئة مليئة بالأعمال الجليلة فينقل عنه أنه كان يحج عامًا ويغزو عامَا.
وعمل الرشيد منذ توليه الخلافة على تخفيف الأعباء المالية عن الرعية وإقامة العدل في أنحاء الدولة، خاصة أن الدولة كان بها فائض مالي كبير أدى للانتعاش الاقتصادي وتعزيز العمران وازدهار العلوم والفنون بما جعل الخلافة العباسية تمثل العصر الذهبي للدولة الإسلامية.
وفي عهد الرشيد كانت الدولة الإسلامية تعد مركز التجارة في الشرق وكانت البضائع تأتي إليها من كل مكان، كما اتسع العمران وبلغ عدد السكان مليون نسمة، وصارت بغداد قبلة طلاب العلم ورحل إليها العلماء من كل مكان حيث كانت أشبه بالمدارس العليا خاصة أن هارون الرشيد كان يقرب أهل العلم منه ويدعمهم بشكل كبير.
ويعد إنشاء “بيت الحكمة” من أهم أعمال الخليفة هارون الرشيد، حيث يعد بيت الحكمة أشبه بجامعة كبيرة تضم أعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من كافة أنحاء العالم، وكان يشرف عليها “يوحنا بن ماسويه” وكانت بها أماكن للمحاضرات وأخرى خاصة بالمترجمين والناسخين.
اعتمد الرشيد في جانب كبير من إدارته للدولة علي أهل الكفاءة والقدرة من البرامكة لكونهم يتمتعون بقدرة كبيرة على إدارة شؤون الدولة وحسن القيادة، إلا أنه مع ازدياد نفوذهم حدث خلاف بينهم وبين الرشيد أدى لحبسهم.
وعقد هارون الرشيد عقدًا للهدنة مع دولة الروم بعد الضربات القوية التي وجهها لها، خاصة أن الإسطول الإسلامي عاد إلى قوته في عهد الرشيد وكان يقوم بغزو كافة السواحل.
ومع ذيوع شهرة الرشيد كان قصره محل اهتمام من كافة البلاد التي كانت تسعى لتعزيز الصلات به، وكان الرشيد يحسن استقبال الوفود ويرسل معهم الهدايا الفاخرة والتي كانت بعض الوفود لا تعرف هوية هذه الهدايا وتظنها من أنواع السحر.
وفاة هارون الرشيد
توفي هارون الرشيد في عام 809 م، وكان عمره خمس وأربعون سنة قضى منها ثلاث وعشرين عامًا في الخلافة اعتبرت العصر الذهبي للخلافة العباسية، وتوفي الرشيد خلال خروج على رأس جيشه لإخماد الثورات في مدينة خرسان، وخلف هارون الرشيد خلفه ما يقرب من ألف ألف دينار وما يقرب من هذا المبلغ أيضًا من جواهر ومقتنيات.