هل تتلاعب الذاكرة في الذكريات؟ كشفت بعض الدراسات أن الذاكرة من الممكن التلاعب بها بسهولة، بعكس ما يعتقد الأشخاص أن ذكرياتهم محفورة بأذهانهم، حيث بينت الأبحاث أن زرع ذكريات كاذبة يمكن أن يكون بسيطا والأكثر من ذلك أنه في كل مره تتذكر فيها شيئا فأنت تعيده وترسخ له أكثر بدماغك حتى وإن احتوى على الأخطاء، لذا نستعرض خلال هذا التقرير كيفية حدوث ذلك.
هل تتلاعب الذاكرة في الذكريات؟
ففي عام 1950، روى المخرج أكيرا كوروساوا، قصة ساموراي قتل بطريقة غامضة، وعندما سألوا أربعة من الشاهدين عن كيفية قتله؛ أجاب كلا منهم بشيء مختلف عن الآخر، أما زوجته فقالت أنها اغتصبت على يد العصابة حتى غابت عن الوعي؛ ثم أفاقت لتجد أنه ميت، أما العصابة قالت أنه خدع زوجته؛ ثم حاربهم حتى توفى، وكان هناك قاطع خشب قرب الواقعة؛ والذي قال أنّه شاهد القتل والاغتصاب، لكنه بقي بعيدا عنهم. أما شبح الساموراي فقد تكلم أيضا وقال أنه قتل نفسه، وطبقا لتأثير راشومون؛ فإن السؤال الذي يجب أن يطرح هو من منهم يحمل الراوية الصحيحة عن الأحداث؟ وليس من هو الصادق في كلامه!
خطأ بالذاكرة
بالطبع في عالم الجرائم الحقيقي؛ يكون هناك تفسير واحد للأحداث، وفي الواقع ذاكرة الإنسان تستند إلى روايات متضاربة لا يمكن الاعتماد عليها، وعندما يتذكر الشخص الأحداث التي تحتوي على أخطاء؛ ستعمل على تقوية وتثبيت تلك الأخطاء لديك؛ في حين أنك تظن أن هذه هي الحقيقة، ولهذا السبب كانت ذاكرة الأشخاص بشأن حادث الساموراي مذبذبة خصوصا مع إعطائهم الاحتمالات المناسبة من قبل المحققين، مما ساعد أكثر في زرع ذكريات مبالغ فيها وغير صحيحة لديهم.
ذكريات وهمية
كانت فترة التسعينات فترة مخيفة لعلم النفس، فالعديد من المعالجين آمنوا بفكرة أن التجارب الصادمة يمكن أن تنتج ذكريات مكبوتة، ذلك النوع من الذكريات التي تبرز فقط من خلال العلاج، لكن عندما بدأ المرضى بالتعامل مع تلك الذكريات؛ قاموا باتهام العديد من الأشخاص؛ مثل آبائهم وأمهاتهم وأحبائهم على ذكرياتهم السيئة معهم، حينها أدرك البعض أن تجارب الذكريات تلك تعتبر وهمية، وُفعت دعوى ضد هؤلاء المعالجين لسوء ممارستهم المهنة، في الوقت نفسه؛ بدأ الباحثون؛ مثل “إليزابيث لوفتوس” في جامعة ستانفورد بالتحدث ضد فكرة الذكريات المكبوتة؛ لافتين إلي أنه لا توجد أدلة علمية على وجودها، فكان المعالجون يزرعون الذكريات الكاذبة بعقول مرضاهم.
عملية زرع ذاكرة كاذبة
وأبرزت دراسات “لوفتوس”، إلى أي مدى تبلغ سهولة عملية زرع ذاكرة كاذبة بعقل المريض، حيث قامت هي وفريقها بعمل كتيبات تضم قصتين من طفولة كل المشاركين كما روى أحد الأقارب، بالإضافة إلى قصة خاطئة عن المشارك، ثم طُلب من المشاركين كتابة ما الذي تذكروه عن كل حدث؛ أو إذا لم يتذكروا شيء على الإطلاق، بعد ذلك؛ حضروا مقابلات متابعة حيث طلب منهم إعادة تسجيل الأحداث مرة أخرى، وزعم ما يقرب من ثلث المشاركين أنهم يتذكرون الحدث المزيف مباشرة بعد قراءته في الكتيب، واستمر ربعهم في تذكره في مقابلات المتابعة.
وفقا لـ “لوفتوس”؛ فإن الذكريات الكاذبة تتشكل بسهولة إذا توفرت لها ثلاثة عوامل لحدوثها، كـ”ضغط لاستدعاء الذاكرة، تشجيعها من أجل تصور ما يمكن أن يحدث، ومعارضة لاستجواب أو استرجاع الحقيقة من الذكريات”، كل هذه العوامل الثلاثة تلعب دورا في مجموعة متنوعة من الحالات ذات المخاطر العالية مثل الاستجوابات الجنائية، والعلاج النفسي.