تذكر بأنك انسان مهما بلغت قوتك في الدنيا، ومهما كبر غرورك، تذكر أنك ضعيف وأن الأرض تنتظرك بفارغ الصبر كي تلتهم عظامك فلا يبقى منك شئ، هذه ملخص قصة قصيرة عن ملك عظيم الشأن والمكانة في أحد الأزمنة، كان هذا الملك شديد النفوذ وكان مغرور، دائم الحديث عن نفسه وعن مكانته، وكيف يخافه الناس أثناء الذهاب بينهم، ولكن حدثت أشياء غيرت تفكير الملك، وجعلته يعرف أنه مهما بلغ من قوة في الحياة، فإن الأرض لا تفرق بين عزيز وشحاذ، ونبدأ الحكاية.
تذكر بأنك انسان
عاش ملك منحدر من سلالة عظيمة من الملوك، كان يعرف عنه أنه معجب بنفسه كثيرًا، لقد أخذ جميع محاسن الدنيا، مال وجاه وسلطان، وصحة وقوة كما كان وسيم وشاب، كانت الحياة تبتسم له، لم يرى في حياته ذل أو مهانة، تربى على العزة، ولم يشعر بالفقر أو الحرمان قط، ظن الملك أنه أفضل مخلوق على الأرض، ودفعه الغرور إلى قول الباطل، حيث كان متداول في عائلته أنهم من الدماء الزرقاء التي لا تنقطع، ولعله يقصد عنه من سلالة الملوك، وكان المنافقين والمداحين حوله من كل مكان.
غرور الملك
كان الملك بعيدًا عن حقيقة تذكر بأنك انسان ظن نفسه في مكانة أعلى من الإنسانية، حيث قام الشعراء والمداحين بعمل حفلات في قصره، وكان يقولون فيه الشعر والمديح، كما قام الشعب بطباعة أسمه على النقود المعدنية، وتم رسم صورته في جدران المعابد، كان لديه ما يريد من الطعام والشراب والجواري، ذات يوم طلب الملك الذهاب إلى رحلة صيد، وحضر معه الجنود والحراس وبدأت الرحلة، وهنا حدث شيئ عجيب.
رحلة الملك للصيد
كان هذا الملك المغرور مولع بالصيد، لهذا كانت هذه الرحلة مميزة، حضر معه عدد كبير من الجنود، وعندما كان الملك يسير أقترب منه كبير الجنود، وقال له: أتعلم يا مولاي أن في هذه البقعة البعيدة قامت حرب دامية بين والدك وبين الأعداء، تمكن وقتها جنود المملكة من الفوز، ولكن الخسارة كانت كبيرة، حيث مات والدك في هذه الأرض.
الرجل الزاهد والملك
عندها حدث شئ غريب في قلب الملك، كان صغير وقت أن قتل والده، وتولى الحكم أخوه الأكبر، وبعد أن مات في المعركة ولم يكن لديه أولاد ذكور، أخذ هو الحكم، ذهب الملك مسرعًا وأمر الجنود بالسير خلفه، وذهب للمكان الذي قتل فيه والده، ولكنه شاهد رجل يقوم بعمال غريبة، أنه يحفر في الأرض بهمة كبيرة، وبجانبه مجموعة من العظام، هنا تتغير قصة تذكر بأنك انسان حيث يتحدث الملك مع هذا الرجل وتحدث مفاجأة.
تذكر بأنك راحل
أقترب الملك من الرجل وقال له: يا هذا ماذا تفعل في هذا المكان، وما تلك العظام التي تحملها بيديك، قال له يا مولاي لقد أمرني كبير الحراس أن أنقل عظام الملك والدك في مكان لائق بها، ولكني وجد شئ غريب جدًا، قال له الملك: وما هو تكلم، قال الرجل، وأنا انقل عظام والدك كان معه مجموعة من عظام الجنود الفقراء، لم أتمكن من التفرقة بين عظام والدك وبين عظام الفقراء والشحاذين، جميع العظام واحدة.
بكى الملك بشدة، عندما عرف أن في النهاية لا فرق بين فقير وغني، فالأرض تلتهم كل ما يدخل في باطنها، ولا تفرق بين رجل وآخر، عندها عرف أن هذه الحيلة فعلها كبير الحراس حيث أمر الرجال بحفر الأرض ونقل العظام، وأخبر الملك عن مكان الذي دفن فيه والده حتى يعتبر، عرف الملك أن هذه الحيلة كانت من كبير الحراس ليتعظ الملك قبل موته وشكره، وفي نهاية قصة تذكر بأنك انسان تغير حال الملك وصار متواضع حكيم.