وكالة الغوري هي أحد الأماكن والأسواق الأثرية في مدينة القاهرة، وهي إحدى الآثار المملوكية التي تحتفظ بتراثها العريق، وتقع بالقرب من الجامع الأزهر بجوار سوق الأقمشة.
وكالة الغوري
يعود تاريخ وكالة الغوري للسلطان الأشرف أبو النصر قنصوة الغوري، وهو آخر سلاطين المماليك الجراكسة، وقد حكم هذا السلطان مصر خمسة عشر عامًا في الفترة ما بين 1501-1516م، ووكالة الغوري هي إحدى مكونات مجموعته المعمارية المكونة من مسجد الغوري وقبة الغوري ووكالة الغوري، وخانقة خيرية تضم مدرسة وكتاب وسبيل، وتم إنشاء هذه المجموعة المعمارية في الفترة ما بين عامي 1501-1509م، وحافظت على بقائها حتى اليوم.
ووكالة الغوري تعد نموذجًا لما كانت عليه الوكالات التجارية في عصر المماليك، فوكالة الغوري تقع على مقربة من أحد الأسواق الشهيرة ويرفق بها مخازن لبضائع وأمتعة التجار، وفندق للاستضافة وكذلك اسطبل للدواب وحمامًا عامًا.
إنشاء وكالة الغوري
وبالتحديد فقد أنشأت وكالة الغوري في عام 1504م، بأمر من السلطان قنصوة الغوري، وكان الهدف من إنشاء وكالة الغوري هو استقبال التجار الوافدين لمصر من كافة بقاع الأرض من أجل تجارة الملابس وملابس الحاشية السلطانية المزركشة، وكان التجار يتنافسون في بيع الأقشمة في وكالة الغوري، وكان بناء وكالة الغوري على أنقاض سوق الشرابشيين الفاطمي وكان هذا السوق يباع فيه أيضًا ملابس السلطان والحاشية، واحتفظت هذه المنطقة بطابعها حتى الآن تمثل الآن سوقًا رئيسيًا للأقمشة.
ويشير بعض المؤرخين أن إنشاء وكالة الغوري كان بهدف أن تكون بديلًا لخان الخليلي بعد أن شاع أنه يضم جواسيس للدولة العثمانية التي كانت تسعى لدخول مصر في ذلك الفتح، وقد مثل خان الخليلي في ذلك الوقت ساحة للصدام بين العثمانين والسلطان قنصوة الغوري، ووكالة الغوري في بداية إنشائها عرفت باسم وكالة النخلة.
وبعد مقتل السلطان المملوكي قنصوة الغوري ظلت وكالة الغوري مختفظة بمكانتها التجارية، حيث أن مصر كانت محتفظة بمكانتها الاقتصادية والتجارية رغم تحولها من كونها مركز الخلافة لمجرد ولاية عثمانية، وقد اهتمت الدولة العثمانية بإنشاء وكالات تجارية مثل التي أنشأها المماليك ومنها وكالة الغوري، ولكن احتفظت وكالة الغوري بمكانتها الكبيرة في تجارة الأقمشة خاصة بعد ازدهار تجارة الأقمشة في العصر العثماني، واشتهرت وكالة الغوري كمركز لاستقبال التجار.
الوكالة كأثر
وتحتفظ وكالة الغوري حتى الآن بمبناها الرئيسي بشكل كامل، ويضم هذا المبنى خمسة طوابق تم بنائها بالحجارة العتيقة، ويشمل كل من الطابقين الأرضي والأول مجموعة من الحواصل التي كانت تستخدم للتخزين، وتشمل وكالة الغوري تسعة وعشرين مسكنًا لكل مسكن منهم سلم خاص، ويطل كل مسكن من خلال مشربية أرابيسك على فناء الوكالة، ويتميز السقف بصناعته من مصلبات مبنية من الحجز الممتاز من حيث المهارة والدقة.
وقد تحولت وكالة الغوري إلى آثر مسجل في وزارة الثقافة، وتم ترميمها على مدار خمسة أعوام، للتحول لأحد الأماكن التراثية التي تهتم بالإبداعات والفنون، وتستضيف الندوات العلمية والفنية، وساهم في نجاحها في القيام بهذا الدور موقعها المتميز وسط القاهرة الإسلامية.