مر الشعر العربي كما نعرف جميعًا بعصور شعرية مختلفة كان لكل عصر منها سمات خاصة ومميزات وكذلك شعراء برزوا وسجلوا أسمائهم في لوحة شرف تلك العصور الشعرية، وقد تحدثنا في مقالات سابقة عن الشعر الجاهلي وهو الشعر الذي سُجل وكُتب خلال العصر الجاهلي ليكون شاهدًا على أهم أحداث وصراغات وتقاليد وعادات تلك الحقبة التاريخية، بالإضافة إلى الحديث عن أيرز شعراء الجاهلية الذين برزوا وذاع صيتهم بشكل كبير خلال ذلك العصر الشعري. أما في هذا التقرير سوف نتناول بالحديث عن عصر شعري أخر أثرى شعرائه تراث وتاريخ الشعر والأدب العربي، وهو العصر العباسي في الشعر العربي.
تعريف الشعر العباسي
الشعر العباسي يُقصد به تلك القصائد والأبيات الشعرية التي سٌجلت خلال العصر العباسي، وكانت شاهدًا ومؤرخًا عظيمًا لتلك الحقبة الزمنية من الزمن، والتي جسدت كذلك أهم وأبرز الأحداث التي وقعت خلال تلك الفترة في الدولة والخلافة الإسلامية، فقد تمتع فن الشعر خلال العصر العباسي بمكانة خاصة ومهمة ليس فقط لدى الملوك والأمراء آنذاك بل كذلك في أوساط عامة الشعب العربي والإسلامي خلال حكم الدولة العباسية.
فمن المعروف تاريخيًا أنه بعد وفاة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، مباشرة انتقلت الحكم الإسلامي في شبه الجزيرة العربية إلى الخلفاء الراشدين، ومن بعدها انتقل الحكم إلى بني أمية فعرف الحكم الإسلامي والخلافة الإسلامية باسم الدولة الاموية، ومن يد الأمويين انتقلت الخلافة الإسلامية إلى آل العباىس فعرفت الخلافة بناء عليه اسم خلافة الدولة العباسية والفترة التي تولى فيها العباسيون الخلافة العباسية حتى انهيار دولتهم عُرفت بالعصر العباسي.
العصر العباسي في الشعر العربي
لعب انتقال الخلافة الإسلامية والحكم في شبه الجزيرة العرية إلى آل العباس، دور عظيم في إثراء الأدب العربي، وبخاصة الشعر والنثر بشكل كبير وملفت، فهناك العديد من العوامل والمقومات التي كان لها عظيم الأثر في هذا الثراء الأدبي.
فمن بين تلك العوامل الهامة هو استقرار الحكم في الدولة العباسية واستقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والذي ساعد بشكل كبير على امكانية الانفتاح على الثقافات الأخرى وكذلك الامتزاج بها ما أثري وأدي إلى تطورات كبيرة على المستوى الأدبي والعلمي والفكري والثقافي والاجتماعي والفني والسياسي والاقتصادي، وما ساعد أيضًا بدوره على تشجيع ظهور العديد من العقليات المتفتحة والناضجة التي أثرت التاريخ الفني والأدبي والشعري في التاريخ العربي.
وكذلك كان تشجيع الخلفاء والأمراء والحكام والسلاطين للفن والأدب خلال العصر العباسي بشكل عام، والنثر والشعر بشكل خاص، دور عظيم جدًا أيضًا في إثراء الفن العباسي خلال تلك الفترة من حكم العباسيين، حيث شجع ذلك بدوره المنافسة الشرسة بين الأدباء والشعراء الذين أرادوا التقريب من الخلفاء عن طريق مواهبهم الأدبية، وهو ما كان سببًا مباشرًُا في ازدهار الأدب والشعر والفن خلال العصر العباسي.