تعد فترة الشدة المستنصرية من أكثر الفترات قساوة وشدة على الشعب المصري وكانت من أكبر المشاكل التي فتكت بهذا الشعب وسببت العديد من الكوارث ليس على المستوى البشري فحسب بل على مستوى الزراعة والصناعة والتجارة وعلى الاقتصاد بشكل عام، وصاحب وجودها انتشار الكثير من الأمراض التي لم تسمع بها مصر من قبل.
ما هي الشدة المستنصرية ؟
ضربت الشدة المستنصرية بعواصف المجتمع المصري في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري واستمرت آثارها السلبية على الشعب المصري لمدة 7 سنوات وكانت في حكم الخليفة المستنصر الذي حكم مصر خلال أعوام 1036 و 1094.
حدثت هذه الشدة الكبرى التي عانى منها المصريون بسبب اختفاء وانخفاض مستوى أو منسوب المياه داخل نهر النيل لمدة 7 سنوات كانت كفيلة بتدمير الكثير والكثير من خيرات الشعب المصري، وإليكم بعض نتائج هذه الأزمة الكبرى.
نتائج الشدة المستنصرية
سببت الشدة المستنصرية كوارث لم تحدث في المجتمع المصري ولم يشهدها التاريخ المصري الممتد منذ فجر التاريخ، حيث خلفت هذا الأزمة وراءها هلاك للآلاف من البشر وانتشر بسببها الجفاف الذي حل في الأرض وزادت الأسعار، وانتشر الفقر وكذلك الفساد وفتك الجوع بالناس خلال هذه الفترة الصعبة.
كما انتشر القتل بين الناس من شدة الجوع، حتى إن البعض كان يأكل من لحوم الموتى المنتشرين في الشوارع وظهرت للمرة الأولى ظاهرة آكلي اللحوم حيث امتد أفواه الناس الى أكل بعضهم بعضا وهم أحياء من شدة الجوع والكارثة التي سببتها هذه الشدة.
وانتشر أيضا بين الشعب ظاهرة أكل لحوم الكلاب والقطط في الشوارع لسد حاجتهم من الجوع.
بسبب هذه الأشياء كان لابد وطبيعيا أن تنتشر الأمراض والأوبئة وانخفض عدد السكان الى أبعد مدى.
الخراب حل ولحق بكل شيئ في مصر خلال هذه الفترة حتى ذكرت بعض الروايات التاريخية أن الحاكم والخليفة المستنصر باع كل ما في قصره من ذهب وأملاك حتى يحاول التخفيف من وطئة هذه الأزمة التي حلت بالبلاد.
انتهاء الأزمة
ذكرت بعض الروايات التاريخية التي تناولت الشدة المستنصرية في مصر أنها انتهت بعد قتل البساسيري نائب الخليفة المستنصر بالله في العراق وسيطر بعد ذلك الخليفة العباسي على بغداد مما ترتب عليه نقل بغداد وتبعيتها للخلافة العباسية مرة أخرى.
أسباب الشدة المستنصرية
تعددت أسباب الشدة المستنصرية على مصر بحسب ما ذكر المقريزي في كتابه، وكانت أهم هذه الأسباب ما يلي:
ترقي الظالمين وكثير من الجهلاء ووصولهم الى مناصب مرموقة وعالية في الدولة وذلك عن طريق الرشوة واحتلالهم للمناصب الدينية ومناصب القضاء وكذلك المناصب الوزارية وغيرها.
يعتبر المقريزي أن فرض الضرائب بشكل كبير على الناس كان أحد أسباب الشدة والبلاء حتى إن الناس لم يستطيعوا دفع الضرائب وباعوا أملاكهم من أجل التسديد ومع ذلك لم تكفي.
بالرغم من كل هذا الفقر والمقدمات التي كانت توحي بنزول بلاء إلا أن الوزراء والقائمين على أمور الحكم كانوا يعيشون في ترف ورغد من العيش.