تفوق أداء النفط الخام تقريبًا على كل فئات الأصول الرئيسية الأخرى باستثناء العملات المشفرة منذ انخفاضه إلى أدنى مستوي لهعلى الإطلاق أثناء الاضطرابات المالية التي غذتهاجائحة فيروس كورونا في العام الماضي، حيث ارتقى إلى المستوى الأسطوري المتمثل في “الذهب الأسود”.
قفز خام برنت فوق 85 دولار للبرميل يوم الاثنين (18 أكتوبر) من أدنى مستوى له عند 16 دولار في أبريل 2020، عندما أدت بداية أزمة فيروس كورونا إلى إغلاق الاقتصادات العالمية وتراجع الطلب على سلع الطاقة، لترتفع أسعار النفط بحوالي 440% خلال تلك الفترة.
الأمر الذي جعل الكثيرون يتساءلون إلى أين يتجه النفط الخام بعد ذلك؟ هل ترتفع أسعار النفط أكثر أم تنخفض عن هذه المستويات؟
توقعات أسعار النفط: هل سيصل الخام إلى 100 دولار؟
تراجع المحللون في بنك أمريكا عن توقعاتهم في شهر يونيو التي أشاروا فيها إلى أن أسعار تداول النفط العالمية سوف تصل إلى 100 دولار في عام 2022، بدلًا من ذلك، يتوقعوا أن تصل الأسعار إلى تلك المستويات في وقت مبكر من الشتاء القادم في نصف الكرة الشمالي، في ظل استمرار اتساع الفجوات بينالعرض والطلب في أسواق الطاقة.
أما المحللين في بنك جولدمان ساكس فهم يتوقعوا أن يصل سعر خام برنت إلى 90 دولار بحلول نهاية العام، بدلًا من توقعاتهم السابقة التي أشارت إلى ارتفاع إلى 80 دولار مع بداية عام 2022.
في الوقت نفسه، قامت ادارة معلومات الطاقة الأمريكية برفع توقعاتها لمتوسط تكلفة خام برنت في الربع الرابع بمقدار 10 دولارات للبرميل ليصل إلى 81 دولار، وتري ادارة الطاقة أن السعر من المرجح أن ينخفض إلى متوسط 72 دولار في العام المقبل وسط تحسن في العرض.
شهد خام برنت ارتفاعًاليصل إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات، بينما وصل خام غرب تكساس الوسيط وهو المعيار الأمريكيإلى مستويات غير مسبوقة منذ 2014، وذلك نتيجة الاختلالات المتكررة بين مستويات العرض والطلب خلال الأشهر الأخيرة، وعلى الرغم من ذلك، إلا أنه حتى الآنلا توجد نهاية تلوح في الأفق للتخفيف من ضغوط السوق في الوقت الحالي.
ما هي العوامل التي تساعد في تشكيل سوق النفط؟
هناك الكثير من التي تعرض لها سوق النقط على مستوى العرض والطلب، والتي بدورها ساعدة في دفع أسعار النفط للأعلى خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، التي تشمل:
- آخر القرارات التي اتخذتها منظمة أوبك في اجتماعها الأخير خلال شهر أكتوبر، حيث أقرت رفع انتاجها بواقع 400 ألف برميل يومي بداية من شهر نوفمبر القادم، وذلك في ظل تزايد معدلات الطلب على شراء النفط من الولايات المتحدة والصين التي تعتبر أكثر الدول استهلاكًا للنفط.
- تراجع معدلات الانتاج الأمريكي بشكل مؤقت خلال شهر سبتمبر 700 ألف برميل يوميا، على إثر تداعيات إعصار إيدا الذي ضرب الساحل الأمريكي في بداية شهر سبتمبر.
- اتجاه العديد من القطاعات والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى شراء النفط، بعد القفزة الكبيرة في أسعار كل من الغاز الطبيعي والفحم.
- التراجع المستثمر في معدلاتاحتياطيات النفط العالمية مع استمرار توسع الفجوة بين مستويات العرض والطلب.
تخفيف العقوبات على إيران قد يحد من أسعار النفط المرتفعة
تراجعت أسعار النفط بشكل حاد في الأسبوع الماضي، عقبالأنباء التي أشارت إلى موافقة إيران على بدء محادثات مع الدول الغربية بشأن برنامجها النووي قبل نهاية نوفمبر، مما يشير إلى فرصة أكبر لتدفق النفط الخام الإيراني إلى السوق.
الجدير بالذكر أن إنتاج النفط الإيراني وصادراته انخفض بشكل حاد منذ عام 2018، عقب اعلان الولايات المتحدة عن انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، كما أنها أعادت فرض العقوبات على الصادرات الإيرانية النفطية.
الأمر الذي نتج عنه تراجع اجمالي الانتاج الإيراني من النفط من ذروته البالغة 4.8 مليون برميل يومي الذي تم تسجيله في عام 2017 ليصل إلى أقل من 2.0 مليون برميل يومي في عام 2020، وذلك بسبب العقوبات الأمريكية التي تم فرضها على الصادرات الإيرانية، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية نتيجة انتشار جائحة فيروس كورونا.
ذكرت إدارة معلومات الطاقة أنه في حال قيام الولايات المتحدة بتقليص عقوباتها على إيران فإن الانتاج النفطي لها سيتزايد ليصل إلى 3.8 مليون برميل يوميًا، وبالتالي يمكن للنفط الإيراني أن يقضي على أزمة نقص الإمدادات ولو بشكل جزئي.
في عام 2020 جاءت إيران في الترتيب الثالث عالميًا من حيث حجم احتياطي النفط، كما أنهاثاني أكبر مالك لمخزونات الغاز الطبيعي، كما أنها خامس أكبر منتج للخام في منظمة أوبك للنفط.
الطلب على النفط مقابل العرض: ما هي التوقعات؟
خلال الموجة الأولي من فيروس كورونا التي انتشرت تقريبًا في كل دول العالم انهارت معدلات الطلب على شراء النفط، حتى انعكس هذا الاتجاه بداية من الربع الثالث من العام الماضي تزامنًا مع تخفيف اجراءات الاغلاق واعادة فتح الاقتصادات، وتزايدت وتيرة الطلب علي النفط مع بداية عام 2021 مع استمرار التعافي الاقتصادي العالمي بشكل سريع، في الوقت نفسه، لم تتمكن مستويات العرض في السوق منسد احتياجات الطلب العالية، مما أدى إلى تراجع مخزونات النفط وبالتالي ارتفاع تدريجي في الأسعار.
وبناء على تقرير توقعات الطاقة قصير الآجل الصادر من قبل ادارة معلومات الطاقة لشهر أكتوبر 2021، أشار إلى من المتوقع أن يواصل سوق النفط في زيادة معدلات الاستهلاك، بالإضافة إلى استمرار استهلاك المخزون النفطي بواقع مليوني برميل يوميًا خلال ما تبقي من هذا العام، قبل أن يعود إلى زيادة الفائض بداية من الربع الثاني من عام 2022.
فيما أكدت وكالة الطاقة الدولية على أن معدلات الطلب على النفط ستتزايد خلال الفترة المقبلة خاصة مع دخول فصل الشتاء وزيادة استهلاك الطاقة، مما سينتج عنه حدوث اختلالات كبيرة خاصة في ظل غياب تعديلات العرض.
في أحدث تقرير لها عن سوق النفط، أكدت وكالة الطاقة الدولية أن التحول إلى النفط بسبب أزمة الطاقة المستمرة قد يزيد الطلب على النفط الخام بمقدار 500.000 برميل إضافي يوميًا مقارنة بالظروف العادية.
لقد كان للنقص الحاد في إمدادات الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال والفحم الناجم عن الانتعاش الاقتصادي العالمي المتجمع سببًا رئيسيًا في حدوث ارتفاع حاد في أسعار إمدادات الطاقة وأدى إلى تحول هائل إلى المنتجات النفطية.
تتفوق سلع الطاقة على معظم الأصول الأخرى
على مدار الاثني عشر شهرًا الماضية، تفوقت سلع الطاقة على كل فئات الأصول الأخرى، باستثناء العملات المشفرة، حيث ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي والنفط بأكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي، بينما سجلت أسعار الفحم عائداً مذهلاً بنسبة 344% بفضل أزمة الطاقة في الصين.
بالمقارنة مع عوائد سوق الأسهم الضعيفة للغاية، حيث حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للأسهم الأمريكية ارتفاع لمدة عام واحد بنسبة 27% بينما حقق مؤشر ناسداك ارتفاعًا بنسبة 22%.