كثير من التعبيرات الشائعة والتي تتناقلها ألسن المصريين دون معرفة بأصل وبداية ظهورها، أو المناسبة التي قيلت فيها لأول مرة، وأصبح تداولها وتوارثها وتناقلها بين الأجيال المتتالية مرتبط بأحداث ومواقف دلالتها تشبه الظروف الخاصة بظهور المثل، ولكنها بالتأكيد تختلف عنها في تفاصيلها وطبيعتها، ونتناول اليوم شرح وتفسير أمثال عربية قديمة شهيرة.
أمثال عربية قديمة
موت يا حمار
يحكى أن أحد الحكام شاهد حمار يدخل إلى البستان الخاص به، فأمر بإحضاره وإعدامه، ليهمس الوزير في أذن الملك قائلا: “إنه مجرد حمار يا مولاي”، ليأمر الحاكم أن يتعلم الحمار الأصول ويمتثل للأوامر الملكية، وأخذ المنادي يؤذت في المدينة بدعوة من يملك القدرة على تعليم الحمار أن يحضر إلى قصر الحاكم، وله من المال ما يريد.
الناس خافوا من الأمر ولكن أحد الرجال تقدم وقال أنه سيعلم الحمار بشرط أن يمنحه الحاكم قصرا يعيش فيه ومالا كثيرا، وبستانأ كبيرا، وعشرة سنوات لتعليم الحمار فوافق الحاكم على طلباته، وأخبر المعلم أنه سيقطع رقبته حال عدم نجاحه في تعليم الحمار، وعاد الرجل إلى زوجته يخبرها بالخبر السعيد والحياة الجديدة المنعمة التي تنتظرها، ولكن الزوجة شغلها الأمر فسألته عن مصيره الأسود المحتوم، بعد انتهاء السنوات العشرة، لأنها تعلم أن الحمار لن يتعلم أبدا والحاكم سيقطع رقبة زوجها، ليرد الرجل: “بعد عشرة سنوات إما سيموت الحاكم أو أموت أنا، أو يموت الحمار”، ليحرف بعدها العرب المقولة إلى “موت يا حمار”، ليجري استخدام المثل، وأصبح مرتبطا في الوطن العربي بالأشخاص الذين يعتمدون على الزمن للهروب من مسؤولياتهم أو التنصل من التفكير فيما يخفيه لهم القدر.
الضرة مرة ولو كانت جرة
كان أحد الرجال متزوجا منذ مدة طويل من امرأة عاقر لا تنجب، فألحت عليه وأصرت أن يتزوج عليها وينجب الطفل الذي يتمناه ويحلم به، ولكن الزوج رفض طلبها وإلحاحها متعللا برغبته في الابتعاد عن المشكلات الناتجة عن الغيرة والتي تنشب حتما بين الزوجتين وتحول حياة الرجل إلى جحيم، ولكن الزوجة لم تكف على الإطلاق عن مطالبته بالزواج من امرأة أخرى، ليوافق الزوج مضطرا على طلب زوجته، وقال لها: :سأسافر وأتزوج امرأة غريبة عن المدينة حتى لا تقع أي مشكلات بينكما”.
وعاد الرجل من سفره إلى منزله حاملا جرة كبيرة من الفخار، ألبسها ثياب امرأة وغطاها بعباءة، ووضعها في حجرة خاصة وأخبر زوجته أن تراها من بعيد وهي نائمة دون أن تقترب منها، وخرج من الغرفة ليقول لزوجته: “أنا عملت بنصيحتك يا زوجتي العزيزة وتزوجت من تلك الفتاة، دعيها الليلة تنام لترتاح من تعب السفر وغدا أقدمك لها”، وعندما عاد الزوج من عمله إلى المنزل، وجد زوجته تبكي فسألها عن السبب فأجابته: “إن زوجتك التي أتيت بها شتمتني وأهانتني وأنا لن أطيق هذه الإهانة ولن أصبر عليها”.
تعجب الزوج كثيرا من حديث زوجته ثم قال:”أنا لن أرضى أبدا بإهانة زوجتي الغالية وسترين ما سأفعله بها”، ليمسك عصا غليظة ويضرب الضرة المصنوعة من الفخار على رأسها وجانبيها لتتكسر وتتحطم، واكتشفت الزوجة خددعة زوجها، وخجلت من كذبها، فسألها الزوج: “لقد أدبتها هل ترضين عن ذلك؟”، لتجيبه: «لا تلومني ولا تغضب مني، فالضرة مرة و لو كانت جرة”.