إبليس من الملائكة أم من الجن ؟ اختلف الكثير من العلماء في تحديد جنس إبليس، وانقسموا في هذا الرأي لفريقين، حيث يرى الفريق الأول بأن إبليس من الملائكة، وهذا ما تبناه أكثر المفسرين حيث يقول البغوي وهو ما ذهب إليه ابن مسعود، وابن عبّاس من الصحابة، ومن التابعين سعيد بن المسيّب، وكذلك الشيخ أبو الحسن الأشعريّ، والشيخ موفق الدين، وأئمة المالكية، وابن جرير الطبّري.
بينما يرى الفريق الثاني إن إبليس من الجن، وذهب إلى هذا القول ابن عباس في رواية له، وقتادة والحسن، واختاره أبو البقاء العكبري، والزّمخشري، والكواشي في تفسيره.
إبليس من الملائكة أم من الجن ؟
أدلة القائلين إنّ إبليس من الملائكة
قال العلماء الذين يزعمون بإن إبليس من الملائكة أن الاستثناء الذي ذكره الله تعالى في مواضع عده من كتابه الكريم، قائلين إن الله عز وجل استثنى إبليس من جملة الملائكة الذين أمروا بالسّجود لآدمَ وهو ما يدلّ على أنّه من الملائكة، كما استثناه ربُّ العزة ممّا وصف الله به ملائكته من الطاعة في سجودهم لآدم حيثُ رفض الاستجابة لأمر الله في السّجود، وهذا الاستثناء كذلك يدلّ على أنّه من الملائكة، قال تعالى: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ)، وقد ردّ هذا الفريق على ما استدلّ عليه القائلون بأنّه من الجنّ وهو قوله تعالى: (إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)، بأنّ الجن كانوا حيّاً من أحياء الملائكة إلا أنّهم خلقوا من نار السَّموم بخلاف بقيّة الملائكة الذي خلقوا من النّور، وقد كان زعيمَ هذا الحي إبليسُ الذي كان رئيسَ ملائكة السّماء الدّنيا، كما كان من أشدّ الملائكة اجتهاداً وعلماً، ولما رأى إبليس ما بلغه من الشّرف والمكانة دعته نفسه إلى عصيان الله فمسخه الله شيطاناً رجيماً.
أدلة القائلين إنّ إبليس من الجنّ
أما القائلون بإن إبليس من الجن فقد استلدوا بظاهر قوله تعالى: (إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)، فقد بين ربُّ العزّة اختلاف كينونة إبليس عن الملائكة وأنّ أصله من الجنّ، وقد فرّق بينه وبين الملائكة عصيانُه ورفضُه الامتثال لأمر الله حينما أمر الملائكة بالسّجود لآدم، وقد اعتُبِر إبليس من الملائكة لأنّه كان يتعبد معهم فأُطلِق عليه اسمُهم كما يُنادى حليفُ القبيلة باسمها، كما يدلّ على أنّه من الجنّ عصمة الملائكة من العصيان ورفض الامتثال لأوامر الله، قال تعالى: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).