يعد السلطان عبد الحميد الثاني من أكثر الشخصيات التاريخية التي أثارت الكثير من الجدل بين من يؤكد فضله في الحفاظ على الدولة العثمانية بكل قوة وبين من يرى أنه أحد الأسباب الرئيسية لسقوط الدولة العثمانية بشكل نهائي.
السلطان عبد الحميد
السلطان عبد الحميد الثاني من مواليد سبتمبر 1842، وهو ابن السلطان عبد المجيد الأول الذي أضفى على حركة التغريب في الدولة العثمانية الصفة الرسمية لأول مرة وبدأت التنظيمات تظهر في عهده لتنظيم شؤون الدولة العثمانية على المنهج الأوروبي.
وتعلم السلطان عبد الحميد اللغتين العربية والفارسية، ودرس الكثير من العلوم كالأدب والشعر والتاريخ والموسيقى والعلوم العسكرية والسياسة، وكانت المهنة المحببة إليه هي النجارة التي كان يقضي فيها الكثير من وقته.
وتوفى والد السلطان عبد الحميد الثاني وعمره ثمانية عشر عامًا، وكان السلطان عبد الحميد هو ولي العهد الثاني لعمه عبد العزيز الذي تابع نهج أخيه عبد المجيد في التغريب والتحديث على مدار فترة حكمه التي استمرت لمدة خمسة عشر عامًا، وكان السلطان عبد الحميد يشاركه فيها بعض الرحلات إلى أوروبا ومصر.
وعرف عن السلطان عبد الحميد الثاتي ممارسة الرياضة وركوب الخيل، كما أنه كان يعرف عنه المحافظة علي الشعائر والعبادات الإسلامية، وكان والده يصفه بالشكاك الصامت.
السلطان عبد الحميد وتولي الخلافة
تولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة في أغسطس عام 1876، وكان عمره وقتها أربعة وثلاثين عامًا، ويعد هو الخليفة السابع والعشرين في الدولة العثمانية، وكان توليه العرش متزامنًا مع ظروف دولية معقدة واقتراب حرب عثمانية روسية.
وشهد عهد السلطان عبد الحميد الثاني حرب 93 والتي كان في عام 1877 ولحق بالعثمانيين في ذلك الوقت هزيمة كبيرة وكادت روسيا أن تسيطر على إسطنبول لولا التدخل الأوروبي، وفرض على العثمانيين معاهدتي صلح وهما آيا ستيفانوس وبرلين واقتطعت بسبب هذه المعاهدات أراض من الدولة العثمانية وفرضت عليها غرامات باهظة وهاجر نحو مليون مسلم بلغاري إلى إسطنبول.
بسبب ما تعانيه الدولة العثمانية أعلن السلطان عبد الحميد الثاني تعطيل الحياة النيابية في فبراير 1878 واستمر هذا التعطيل لمدة ثلاثين عامًا، ولكنه استمر في نشر الدستور وإن لم يكن مطبق بشكل فعلي، وهو ما يعني أن السلطان عبد الحميد الثاني كان يقود الدولة بصورة شخصية، ولذلك وصفه البعض بالديكتاتور المستبد وإن كان لم يصدق طوال فترة حكمه سوى على خمسة أحكام بالإعدام.
وبلغ حجم الديون في عهد السلطان عبد الحميد الثاني نحو 252 مليون قطعة ذهبية، وهو مبلغ قياسي في ذلك الوقت وأقنع السلطان عبد الحميد الثاني الدول الدائنة بإسقاط 146 مليون مقابل وضع بعض مؤسسات الدولة تحت تصرف مؤسسة الديون العمومية وتمكن من خلال هذا الأمر بتسديد ديون الدولة العثمانية.
مواقف السلطان عبد الحميد
ومما يحسب للسلطان عبد الحميد الثاني أنه كان يعمل على توحيد القوى الإسلامية من أجل مواجهة الروح الاستعمارية المتزايدة في الدولة العثمانية لذلك ساند طرح شعار الجامعة الإسلامية وجعلها ضمن السياسة العليا للدولة العثمانية، وعمل على ربط أواصر الأخوة بين المسلمين في كافة الأنحاء والاستعانة برجال الدعوة وإقامة المدارس والكليات.
وربط السلطان عبد الحميد الثاني أجزاء الدولة بالبرق والهاتف واهتم بتسليح الجيش، ومن أهم مشاريعه التي أنجزها هي سكة حديد الحجاز لتسهيل الحج واعتبر هذا المشروع هو مشروع المسلمين ودعاهم للتبرع له.
وكان السلطان عبد الحميد الثاني محل رفض من جانب الدول الأوروبية والتي عملت على إسقاطه من أجل السيطرة على العديد من مناطق الدولة العثمانية والسيطرة على المناطق الغنية بالبترول، بالإضافة لرفضه إسكان اليهود المهاجرين في فلسطين، وهو الموقف الذي يجعل محل تقدير كبير من المسلمين حتى الآن رغم الاختلاف الكبير معه في العديد من سياساته، وتوفى السلطان عبد الحميد الثاني في فبراير 1918 وكان عمره ستة وسبعين عامًا.