من الأحداث التاريخية التي شهدها شهر رمضان هو حريق المسجد النبوي في اليوم الأول من شهر رمضان عام 654 هجرية، وفي هذا الحادث انهار شكل المسجد النبوي الأول الذي أسسه النبي صلي الله عليه وسلم حيث اختفى الكثير من ملامحه في هذا الحادث.
حريق المسجد النبوي
كان حريق المسجد النبوي الذي مثل حدثًا تاريخيًا مهما في اليوم الأول من شهر رمضان للعام 654 من الهجرة، وقد تواكب هذا الحادث مع انهيار الدولة العباسية بعد هجوم التتار على العديد من المدن التابعة للدولة العباسية.
وفي الوقت الذي وقع فيه حريق المسجد النبوي كانت بغداد عاصمة الدولة العباسية تتعرض للانهيار في الوقت الذي أصدر فيه الخليفة العباسي المستعصم بالله أوامراه بإعادة إعمار المسجد النبوي في عام 655 هجرية، وكان بغداد تتعرض في ذلك الوقت للهجوم التتري وحريق مكتباتها ومعالمها.
وقد تسببت أعمال الفوضى التي عاشتها الدولة الإسلامية في ذلك الوقت في تعطيل عملية إعادة إعمار المسجد والتغلب على عملية حريق المسجد النبوي بصورة كبيرة، ويرجع المؤرخون سبب حريق المسجد النبوي إلى أن أول أيام شهر رمضان في عام 654 هجرية كان يوم الجمعة وكان العمال يعملون لساعات طويلة في خدمة المسجد وبسبب التعب نسى استخراج أحد القناديل المشتعلة من مآذن المسجد وهو الأمر الذي أدى لاشتعال حريق المسجد النبوي.
وقد اجتمع أهل المدينة النورة من أجل إطفاء حريق المسجد النبوي، ولكنهم فشلوا في السيطرة على الحريق الذي أدى لانهيار سقف المسجد بالكامل، وتلفت جميع محتويات المسجد والتي يعود أغلبها لعصر الرسول صلي الله عليه وسلم، وكان من ضمن محتويات المسجد المحترقة المنبر النبوي، والزخارف والخزائن والأبواب، وهي المحتويات التي تم تصميمها من قبل الصحابة والخلفاء الراشدين، بالإضافة لخلفاء الدولة الأموية والعباسية.
نتائج الحريق
وقد تسبب حريق المسجد النبوي في تلف جميع الكتب التي كانت موجودة في المسجد النبوي، وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وانهار جزء من سقف الحجرة النبوية، وكان هذا الأمر يمثل مشكلة للعمال عند إعادة إعمار المسجد حيث خشى العمال من دخول الحجرة النبوية، وطلبوا مشورة الخليفة العباسي المستعصم بالله ولكنه كان مشغولًا بانهيار الدولة بسبب الهجوم التتري، ولذلك ترك العمال السقف على ما هو عليه وقاموا ببناء سقفًا فوق السقف المتهدم، وبعد انهيار الخلافة العباسية اهتم أمراء المماليك في مصر بمواجهة نتائج حريق المسجد النبوي، وعملوا على إعادة الإعمار بشكل جيد خاصة أن المدينة المنورة في ذلك الوقت كانت تابعة لسيطرة المماليك في مصر.
إعادة الإعمار
وقد أعلن المنصور نور الدين أيبك بمساعدة ملك اليمن يوسف بن عمر عن نيتهم لإعادة إعمار المسجد النبوي، ولكن الأمر تعطل بسبب عزل المنصور من جانب سيف الدين قطز ولكن قطر قتل قبل إتمام هذا الأمر، ومع تولى الظاهر بيبرس عرش مصر تبنى إعادة إعمار المسجد النبوي واستمر الإعمار حتى عصر الملك الناصر محمد بن قلاوون في عام 678، حيث تم في عهده رفع قبة خشبية خضراء فوق الحجرة النبوية عرفة باسم القبة الخضراء وقام بتجديدها بعد ذلك السلطان قايتباي ولكن تعرض المسجد النبوي لحريق ثاني بسبب صاعقة قوية في عام 886 وهو ما أدى لتبني السلطان قايتباي عمارة المسجد النبوي بصورة شاملة وانتهت إعادة الإعمار في عام 888 هجرية.