الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، أما بعد فسوف نتحدث عن واحدة من أهم القصص التى ذكرت في القرآن الكريم؛ وهى قصة أهل الكهف الذى أراد الله عز وجل أن يرينا من خلالها أن قدرته تسع كل شىء وأن الثقة واليقين بقدراته تجعلنا في أمان وطمأنينة.
من هم أهل الكهف؟
أصحاب الكهف عند المسلمون هم جماعة من الشباب لم يكونوا من عائلة واحدة ولكن تعرف بعضهم إلى بعض، ثم هداهم الله عز وجل لعبادته وترك عبادة قومهم للأوثان.
ما هي قصة أهل الكهف؟
فى مدينة من المدن التى كفرت بعبادة الله وحده وقاموا بعبادة الأصنام، وكان أهل هذه المدينة يقيمون الأعياد ويقيمون بتقديم الهدايا إلى أصنامهم من ذبائح وغيرها، ولكن كان هناك مجموعة من الفتية قد طرح الله في قلوبهم حب الإيمان بالله.
وعندما طلب أهل القرية من هؤلاء الفتية أن ينضموا إليه أعطى كل واحداً منهم عذراً لكى لا يخرج معهم، وخرج الفتية من منازلهم وذهبوا إلى مكاناً به أشجار واستند كل واحد منهم إلى جزع شجرة، ولكنهم لم يعترفوا لبعضهم البعض بحقيقة إيمانهم بالله عز وجل.
وفجأة قال واحد منهم للأخرين أنتم تعلمون أن ما يفعله قومنا ضلالاً وليس بحق؛ وأن الله عز وجل الذي خلق الكون هو الذي يستحق العبادة، ثم أصبحوا بعد ذلك جميعهم مؤيدين لصاحبهم.
قال تعالى: (نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا).
بعد ذلك تركوا بيوتهم وفراشهم واعتزلوا عن قومهم خوفاً على دينهم وذهبوا إلى الكهف الموجود في الجبل بأقصي القرية، ولا يوجد بذلك الكهف نعيم ولا حرير ولا وسائد ولكن فيه رحمة من رحمات الله عز وجل، ثم أستلقوا في الجبل ليناموا من شدة تعبهم ولم يعلموا أنهم لم يستيقظوا إلا بعد ثلاثة مائة عاماً وتسعة سنين.
قال تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا). الكهف (25).
وجعل الله عليهم هيبة حتى إذا رأهم سبع أو حيوان خافهم وهرب، وضرب الله أيضاً على سمعهم حتى لا يستيقظوا، ثم بعد هذه الفترة الطويلة أراد الله أن يستيقظوا ليتسائلوا بينهم كم لبثنا فقال واحداً منهم كم من الوقت ظللنا نائمين؟، فرد عليه أحد أصحابه قال لبثنا يوماً أو بعض ساعات من اليوم.
قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا).
بعد ذلك أرادوا أن يجلبوا الطعام لشعورهم بالجوع ولكن كانوا خائفين أن يراهم أحداً عند خروجهم من الكهف وإجبارهم على الرجوع إلى القرية والخروج عند عبادتهم لله وحده وعبادة أصنامهم.
ولكن الجوع أتعبهم فاقترحوا أن يذهب واحداً منهم لجلب الطعام وأعطوا واحداً منهم نقوداً ليشترى بها لهم أزكى الطعام وليأخذ حذره من أن يشعر بهم أحداً.
قال تعالى: (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا). الكهف (20).
خرج أحدهم فوجد أن القرية تغيرت جميعها من أشكال القوم وأشكال ملابسهم وأراد أن يجلب الطعام ثم يذهب إلى أصحابه يخبرهم بما رأه، وذهب إلى بائع الطعام فأخذ ما يكفيه هو وأصحابه ثم قام بدفع النقود إلى البائع، فضحك البائع وقال ما هذا المال فرد عليه قائلاً إنه نقوداً، فتعجب الرجل وقال له أذهب معى وذهب به إلى الملك فقال له الملك من أين أتيت بهذه النقود فأقسم له أنها نقوده وحكى له أنه فرّ هارباً هو وأصحابه من القرية واستلقوا لبضع ساعات في الكهف، فقال له الملك أين أصحابك وكان الملك يعرف أن هؤلاء الفتية قد غابوا أكثر من ثلاثة مائة سنة، فتعجب الملك وقال دلنى على مكان أصحابك فذهب إلى أصحابه وقال لهم لقد نمنا أكثر من ثلاثة مائة عام والقرية كلها تغيرت وتغيرت الأجيال فذهلوا لما سمعوا من الخبر، بعد ذلك قبض الله روحهم مباشرة، فدخل عليهم الناس وتعجبوا وأختلفوا في أمرهم فقالوا نضع عليهم حجرة ونبنى عليهم مسجداً، ثم أختلفت الأمم في أعداد هؤلاء الفتية.
قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا. سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا).
وتلك كانت قصة أهل الكهف التى تعد من أعظم القصص التى تبين قدرة الله عز وجل على فعل أى شيء.