كثيرًا ما يتساءل الناس عن ماهية الثقوب السوداء وقد تزايد هذا السؤال بعد اكتشاف اليوم الذي طال انتظاره، والذي يتمثل في أول صورة حقيقية وواضحة للثقب الأسود، ففي الماضي كان العلماء يستشعرون وجوده من آثاره الكونية على ما حوله، ولكنهم لم يروه من قبله وقاموا بوضع صورًا تخيلية له على أمل أن يستطيعوا مع تقدم العلم والتكنولوجيا أن يرونه في يومٍ من الأيام، وهذا ما حدث، وفي هذا الموضوع سنتحدث عن الثقوب السوداء وتاريخها.
ما هي الثقوب السوداء ؟
هو تجمّع كوني يمتلك جاذبية عظيمة تسحب كل شيء حولها بما فيه الأضواء، ويتكون الثقب الأسود ويظهر عندما يموت أحد النجوم الهائلة، وهذا يحدث عندما ينتهي وقود النجم الحراري النووي الداخلي في آخر مرحلة من حياته ليصل إلى مرحلة تسمى بالتفرّد، ويكون حجمه فيها صفر، وكثافته لا متناهية، ورغم أن الثقوب السوداء لم يكن هناك مجال لرؤيتها حتى الاكتشاف الذي حدث اليوم، إلا أنها تمثل حوالي 90% من الكون، ومن الجدير بالذكر أن عالم الفيزياء الأمريكي جون ويلر هو من أطلق عليها هذا الاسم أول مرة في عام 1969م.
نشأة الثقوب السوداء
تنشأ عندما ينفجر نجم عملاق في مراحل حياته الأخيرة، وتُسمى هذه العملية الانفجارية بالمستعرات العظمى، والتي تقود إلى أن يتبعثر معظم أجزاء النجم عبر الفضاء، وقد تترك هذه الانفجارات خلفها بقايا باردة ومتجمدة لا تحدث فيها عمليات الاندماج النووي، وهذا على عكس النجوم الصغيرة التي يحدث فيها الاندماج، وهذا لأنّ هذه العمليات تُساهم في إنتاج طاقة وضغط خارجي ثابت، وأيضًا متوازن مع قوى السحب للجاذبية الداخلية التي تصدر عن كتلة النجم ذاته، فيقود غياب هذه القوى في بقايا النجم الكبير الباردة إلى انهيار النجم على ذاته، كما يتقل حجم الثقب الأسود الذي ينشأ إلى الصفر، وكثافة لا تنتهي ولا يقدر أي جسم أن يهرب من جاذبيتها الكبيرة حتى الضوء، فيضحى ضوء النجم ذاته منحصراً في مداره، لذلك يتم تعريف هذا النجم المعتم بالثقب الأسود.
تجذب الثقوب السوداء ضوء النجوم أو أي كوكب يمر بالقرب منها، أو أي جسم آخر إذا مر بجانبها أو قريبًا منها، فتنسحب هذا الأجسام نحوه وتصل إلى نقطة لا يمكنها العودة بعدها وهذا يعني أنها الآن قد دخلت في حالة الأفق، وهي الحالة التي يُصبح من المستحيل لهذه المادة الهروب منها فيسحبها الثقب الأسود، وهذا لأنها من المطلوب أن تكون سرعة حركة هذا الأجسام أسرع من سرعة الضوء حتى يهرب منه.
أنواع الثقوب السوداء
توجد ثلاثة أنواع رئيسية، وهذا لأن النجم يُحدد نوعه حسب كتلته وحجمه، وهذه الأنواع هي:
الثقب الأسود الصغير
أو ما يُسمى بالثقب الأسود البدائي، ويظن العُلماء أنّ هذا النوع عادة ما يكون بحجم الذرة، ولكنّ كتلته تكون كبيرة.
الثقب الأسود متوسط الحجم
ويُسمى أيضًا باسم الثقب النجمي، وهو الأكثر شهرة وانتشارًا، ومن المحتمل أن تصل كتلته إلى حوالي عشرين ضِعف كتلة الشمس، ومن الممكن أن يوضع داخل كرة يبلغ قطرها ستة عشر كيلومتراً، ويتواجد العشرات منها داخل مجرة درب التبانة.
الثقوب السوداء الكبيرة
وتُسمى أيضًا بالثقوب السوداء هائلة الكتلة، وتساوي كتلتها ما يعادل كتلة حوالي مليون شمس، ويمكن أن توضع بداخل كرة قطرها يتساوى تقريبًا مع قطر النظام الشمسي، وتوضح الدلائل العلمية إلى أنّ كل المجرات الهائلة تحتوي بداخلها على ثقب أسود هائل الكتلة في مركز المجرة، ويُسمى الثقب الأسود الهائل الذي يرتكز في مجرة درب التبانة بالقوس، إذ تساوي كتلته حوالي كتلة أربعة مليون شمس، ومن الممكن أن يوضع داخل كرة يتساوى قطرها تقريبًا مع قطر الشمس.