كيف يؤثر التفكير على حل المشكلة؟ لا يتوقف الأداء على حل المشكلات على القائم بالحل فحسب، وإنما يتوقف أيضا على خصائص الموقف المشكل من حيث تحديده، و درجة صعوبته، و درجة تعقيده، وعند بدائل الحلول الممكنة، والمألوفية، والمعلومات المتوفرة، والتثبيت الوظيفي، وأخيرا متغيرات الدراسة الحالية باعتبار أنها تتناول بعض خصائص الموقف المشكل من حيث نوع المعلومات، ومستوى تنظيمها، ومقدارها واليكم بعض العوامل المؤثرة في التفكير وحل المشكلة.
كيف يؤثر التفكير على حل المشكلة؟
المألوفية
عندما تنطوي المشكلة المعروضة على عناصر مألوفة بالنسية القائم بالحل فان ذلك ييسر عملية الحل ويخفف العبء على نظام تجهيز المعلومات. وترتبط المألوفية بالخبرة، فالعناصر المألوفة هي تلك التي يكثر استخدام وتناول الفرد لها، أي أنها ماثلة في خبرته السابقة ومسجلة في بنيته المعرفية، وكثيرا ما تتوارد على ذهنه، ومن ثم فإنه عندما يعرض على الفرد موقف مشكل معين يتضمن عناصر سبق له التعامل معها، وقد ألفها، فإنه لا يشعر بالقلق الشديد تجاهها، ويسهل عليه معالجتها.
والمألوفية أو الألفة هي أحد العوامل المؤثرة في توليد الأفكار في حل المشكلة، حيث تكون المشكلات أسهل عندما تتطلب إنتاج أفكار أكثر مألوفية. وقد اتضح ذلك من نتائج الدراسات التي تناولت تأثير المألوفية على حل المشكلات اللفظية البسيطة كالجناس اللفظي، أو تخمين الكلمات التي تبدأ بحرف معين.
أوضح دونكان من دراسته التي أجراها باستخدام مشکلات تخمين الكلمات، أن العناصر الأكثر ألفة، لها فائدة مزدوجة حيث يحب الأفراد استرجاعها من الذاكرة طويلة المدي، كما أنه إذا طلب منهم إنتاج عناصر متنوعة الألفة، فإنهم يميلوا إلى إنتاج العناصر الأكثر ألفة، وتنشأ آثار الألفة من خبرة سابقة طويلة المدى، كما أنها يمكن أن تجعل العناصر مألوفة موضعيا وبذلك فان التعامل مع مشكلات تكون أكثر مألوفية بالنسبة للقائم بالحل، تيسر له حل المشكلة بدرجة أكبر مما لو كانت العناصر تتصف بالجدة المطلقة، وعدم التعامل المسبق معها.
التلميحات
أثناء معالجة القائم بالحل لمشكلة معينة، قد يصعب عليه إدراك العلاقة بين عناصرها وقد يكون بعضها غامض وغير واضح، ويقف حائلا في طريق الحل. كما قد يكون طريق الحل المتبع طويل ومجهد و مكلف، عندئذ ربما يفيد القائم بالحل إمداده بتلميحة أو إشارة ما للحل وهي تعد معلومة إضافية لها دورها في إزالة بعض غموض المشكلة وتخفيض عدد البدائل الواجب على النظام فحصها وبالتالي توفير الوقت والجهد اللازمين للمعالجة. حيث يشيربورن وآخرون -إلى أن التلميحات التي يزود بها المفحوص تعمل كقوة دفع التغيير تمثيل القائم بالحل للمشكلة في الاتجاه الصحيح، فيتم استدخال عناصر جديدة تساعده في الوصول للحل.
ويرجع ذلك إلى أن هذه التلميحات تقلل من عدد بدائل الحلول المتاحة، وتلغي تمثيلات كثيرة غير صحيحة، كان من الممكن حدوثها، وتتيح تركيز بدائل الحلول في عدد أقل يمكن اختباره. ويعمل زيادة عدد بدائل الحلول علی زيادة صعوبة المشكلة، وبالتالي تقل هذه الصعوبة أو تزداد السهولة.
التثبيت الوظيفي
التمثيل الداخلي الذي يتبعه القائم بالحل خلال حيز المشكلة، له تأثيره على محاولات حل المشكلة، ويؤثر ذلك على كل فرص التناول المتاحة، والحل الفعال وبذلك فان عملية تمثيل المشكلة هي عملية حاسمة في حلها، لأنها تشكل الطريق لعملية الحل في صورة تسمح للقائم بالحل أن يختار من بينها البديل المناسب كحل للمشكلة.
أوضح بورن و أخرون أن التمثيل الداخلى للمشكلة قد يكون خاطئا، نتيجة اكتساب القائم بالحل لمفاتيح خاطئة أو غير مفيدة للحل، ويحدث ذلك في مشكلات الجناس اللفظي وتعرف هذه الظاهرة التي يحدث فيها نوع من التصلب في التفكير، وعدم المرونة في رؤية عناصر المشكلة، وعدم القدرة على ابتكار استخدامات جديدة للأشياء المعتادة “بالتثبيت الوظيفي”