نتحدث في هذا التقرير عن كيفية تيسير أمور الزواج ، إذ أن الزواج يعتبر من أبرز وأهم ضروريات الحياة للإنسان، حيث أن الرجل يكون محتاجًا المرأة، كما أن المرأة تكون في حاجة إلى الرجل، إذ أنه في الزواج كمال للدين، وتحقيق للطهر والعفة والبعد عن الزنا وأي شيء يغضب الله عز وجل.
مع نية الحصول على الأجر من الله سبحانه لأنه أمرنا بذلك حيث أن الزواج يعتبر من سنة نبينا محمد أيضًا، كما أن في الزواج إعمار للأرض من الإنسان؛ وفيه أيضًا طاعة وإقامة لأوامر الله سبحانه، وهذا من خلال إنجاب الأبناء وتربيتهم وتنشئتهم بشكل إسلامي سليم وصحي ومتزن ضمن بيئة أسرية ملتزمة رائعة وصالحة ومفيدة للمجتمع.
أهمية الزواج
- كما أن الزواج يؤدي إلى استقرار النفس وراحتها وطمأنينتها واستقرارها، بالإضافة إلى أنه عبارة عن علاقة رائعة في مواجهة صعاب الحياة وهمومها مع القضاء على مشاعر القلق والرعب وعدم الاستقرار والوحدة، ولكي نحقق كل الذي سبق لا مفر من كلا الطرفين أن يقوم بالاختيار بشكل سليم، كما أن الدين من أبرز الذي يجب أن يتحقق في الشخص المقابل.
- كما يجب أن ننتبه إلى أهمية الأمانة والخلق وشكلهما والألفة والمحبة والقبول العاطفي، وحري بالذكر أنه لا مفر من أن نرى كل طرف للطرف الآخر؛ إذ قال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام “فانظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما”، كما يجب أن يتجنب كل طرف المثالية حيث ينبغي عليه أن يبقى في دائرة الواقعية في الحياة الزوجية، وأن يتشارك في أهداف الحياة، وأن يشارك في الكفاءة، سواء أكانت من حيث المستوى المادي، أم التعليم أو النسب.
تيسير الزواج
تخفيف المهر
- ينبغي على الأب عندما يختار الزوج الصالح لابنته، ألا يغالي في أن يطلب المهر، وأن ييسر إجراءات وشروط الزواج، حتى يقوم بالمساعدة في أن يحافظ على شباب وفتيات المجتمع من الانحراف، إذ ورد هذا الأمر في حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد”.
- إذ لم يشترط ديننا الحنيف في الزواج غير المقدرة على الإنفاق حتى تعيش الأسرة الجديدة بكرامة وعزة كبيرة، ولم يشترط الغنى والثراء الفاحش، إذ قال الرسول عليه صلى الله عليه وسلم في حديث آخر “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”، حيث فرض الدين على الرجل، المهر ليقوم بتقديمه للمرأة صونًا وتقديرًا لها ولأسرتها.
- حيث أنه لا يجب أن يصير عائقا من أجل إتمام الارتباط؛ لأن المهر الكبير يكون منافيًا لتحقيق الهدف من الزواج الذي يكون عبارة عن إعفاف الطرفين والحفاظ على طهارة المجتمع، حيث ذكر نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، أن تقليل قيمة المهر من أهم أسباب البركة إذ قال، “أعظم النساء بركة أيسرهن صداقا”، وقد دعت السنة المطهرة لتسهيل أمور الزواج بكل وسيلة ممكنة.
تخفيف تكاليف إجراءات الزواج
ينبغي على الأهالي والأسر أن يخففوا ويقللوا مصاريف الزواج المختلفة من التكاليف التي اخترعها المجتمع وما أنزل الله بها من سلطان، والتي تعتبر من أكبر معوقات الزواج، مثل المبالغة في التأثيث واشتراء الأقمشة، مع الإسراف والتبذير على مستوى إقامة الولائم الكبيرة وتكاليف تبادل الزيارات بين عائلتي المخطوبين، بالإضافة إلى زيادة إقامة الحفلات والسهرات واستقدام المطربات والمطربين وغيرها من الأمور مثل التكاليف الداخلية للعرس، مثل، الملابس والتصوير وغيرها من أمور مع السفر خارج حدود البلاد بعد الزواج من أجل الحصول على شهر عسل رائع.
حلول مجتمعية من أجل تيسير الزواج
يكون في إمكان المجتمع أن يساهم في تسهيل أمور الزواج عن طريق التبرع من أجل تزويج الفتيات والفتيان بحيث يكون في الإمكان أن يقوم الكثير من رجال الأعمال على مساعدة الراغبين في الزواج بتقديم المعونات المادية، كما يكون في الإمكان إنشاء صناديق للزواج إذ جرى في دولتي الإمارات والكويت تدشينها من أجل حل مشكلة العنوسة وأن نساعد على مستوى تزويج الشباب عن طريق هذا الأمر، ويكون في الإمكان أيضا عمل صناديق للتكافل والحصول على المبالغ والتبرعات للمساعدة في ذلك.
تيسير الزواج في الإسلام
- أمرنا نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، بان نسهل تيسير أمور الزواج؛ إذ قال فيما روته عنه أمنا عائشة رضي الله عنها “أعظم النساء بركة؛ أيسرهن مؤنه”، كما أن تسهيل الزواج كان من هدي صحابة رسولنا رضي الله عنهم.
- ومن الطريق المستعملة من أجل تسهيل أمور الزواج، القيام بالتخفيف من مظاهر الزواج والتكاليف وإطلاق الحفلات، وتقليل قيمة المهور، وعدم المغالاة فيها، وجعل هذا الأمر بالذات يتلاءم مع أحوال الشباب، وخاصة في بداية حياتهم.
- والقيام بتخصيص قروض للزواج، وجعل تسددها بشكل ميسر وبسيط مع اشتراط عقد القران عند الاقتراض، كما يمكن أيضًا إقامة قاعات وصالات خيرية تخص الأعراس والأفراح وتأجيرها بأسعار بسيطة ومناسبة وهذا الأمر حتما سيؤدي إلى خفض تكاليف الصيانة والخدمات الأخرى.
- كما يمكننا أن نقدم الدعم للمشروعات التي تقوم على مساعدة الشباب؛ في التأثيث والمواد الغذائية وغير هذه الأمور التي يحتاجها المقبلون على الزواج في بيتهما، كما يجب أن ننشر الثقافة والتوعية في كل وسائل الإعلام المتاحة، وعن طريق الوزارات والدوائر الرسمية المعنية بهذا الأمر، كما أن للخطب والدروس والمواعظ دورا كبيرًا على مستوى نشر الثقافة في المجتمعات المتنوعة.
- كما يجب أن نوفر فرص عمل للشباب في كل التخصصات، سواء أكانت الوظائف في القطاع العام أو القطاع الخاص، كما يجب أن ندعم المشروعات الناشئة، كما يمكننا أيضًا أن نشجع تعدد الزوجات؛ لكي نعفف النساء والأرامل والمطلقات، كما أن في الزواج منهن تحقيق الكفالة للأيتام والأرامل منهن، وهذا الأمر مشروط بمن يتحقق عنده شروط التعدد الشرعية.
- كما يجب أن نقيم مكاتب خاصة للاستشارات الأسرية، وللإصلاح المجتمعي؛ لكي نفخخ ونقلل من نسب الطلاق، ولكي نوفق ونصلح بين الأطراف المتصارعة، بالإضافة إلى إمكانية حث الأغنياء على أن يخرجوا زكاة أموالهم، ومنحها للمحتاجين، والمساكين والفقراء من المتزوجين.
- كما يجب أن نعمل على أن نقيم أوقاف خيرية؛ حيث يكون العائد منها يساعد ويساند الأزواج، بالإضافة إلى العمل منع الاختلاط بين الجنسين، خاصة الذي يكون في حفلات الزواج، ومن هذا الأمر دخول الرجال إلى قاعة النساء، ومنح كل مولود من المواليد منحة شهرية، حتى يبلغ سنًا محددًا، كما يجب أن نحث على الزواج الجماعي في العائلة الواحدة، أو المنطقة الواحدة، بالإضافة إلى تربية الأولاد على أن يتحملوا المسؤولية، وتنشئتهم تنشئة سليمة وصحية.
حكم الزواج في الإسلام
- لم يتفق الفقهاء على مستوى حكم الزواج عمومًا، وفيما يلي بيان آراء العلماء، وأدلة كل رأي منها، حيث أن كلا من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والأوزعي والليث بن سعد، ذهبا إلى القول بأن الزواج مستحب ولا يكون واجبًا للرجل والمرأة، مستدلين في ذلك بقول الله سبحانه وتعالى “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنىٰ وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذٰلك أدنىٰ ألا تعولو”.
- إذ أن تعليق الزواج بجعله طيبًا وليس واجبًا يكون دليلًا على أنه ليس واجبًا، كما أن التخيير بين الزوجة وملك اليمين المباح يدل على هذا الأمر أيضًا، فلو كان الزواج واجبا، لما جرى تخييره بين الزواج وملك اليمين الحلال التي جرى جعلها مباحة؛ لأن التخيير لا يكون أبدًا بين واجب ومباح ولكنه يكون بين واجبين أو نفلين أو مباحين.
- المذهب الظاهري ذهب إلى وجوب الزواج، مستدلين على ذلك بقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، فيما رواه عنه الصحابي عبد الله بن مسعود رضوان الله عليه، إذ قال “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء”، إذ أن الأمر الوارد في الحديث يدل على أن الزواج واجب، بالإضافة إلى أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام نهى عثمان بن مظعون عن أن يتبتل؛ وهذا النهي يدل على أن الزواج واجب.
- ولكن حكم الزواج يكون مفصلًا، ومختلفًا كليًا عن حكمه عمومًا، وفيما يلي بيان حكم الزواج بشكل تفصيلي، الزواج الواجب، حيث يكون الزواج واجبا في حق من كان عنده رغبة في النساء، مع الخشية على النفس من الوقوع في الزنا، مع قدرته على الزواج، ويكون هذا الأمر على من ينطبق عليه الزواج بقصد تحصين نفسه.
- أما الزواج المندوب، حيث يكون للذي يقصد أن يتناس ويتكاثر، أما الزواج المباح، ويكون لمن كان يرغب في النساء، ولكنه لا يخشى على نفسه أن يقع في الزنا.
- أما الزواج المكروه، وهو في حق الذي يخاف على نفسه أن يلحق الضرر بزوجته، ولا تكون لديه رغبة في النساء، ولا يخشى على نفسه من أن يزني، اما الزواج المحرم، وهو في الذي يلحق ضررا كبيرًا ومؤكدًا بزوجته؛ كأن يكون مصابا بمرض خطير جدا.