نتحدث في هذا التقرير عن وظائف الأسرة ، إذ أن قوة المجتمع تجتمع على بنائه الرائع وتماسكه الضخم، بالإضافة إلى الطبيعة التي حرى بناؤها بها مكوناته، حيث تعتبر الأسرة أول أدوات الوصول إلى بناء المجتمع بالإضافة إلى ترابطه وتطوره؛ حيث أنها الحجر الرئيسي على مستوى تكوين المجتمعات ونشأتها.
أهمية الأسرة
وتعتبر أهمية الأسرة، أنها مطلب أساسي يلبي احتياجات الأفراد الفطرية ويقوم بتكميل بشريتهم، حيث أنها المكون الآمن من أجل تحقيق الاستقرار الروحاني والنفسي، والضمان الأبرز والأهم لتنمية القيم وحفظ الأنساب والحقوق.
حيث يجرى إشباع النزعة تجاه السكون والأمن والاستقرار الذاتي والوجداني، ومنها صلاح المجتمع أو عدم صلاحه؛ حيث أنها النواة المركزية الناظمة من أجل تكوين المجتمع والقيام بتحديد هويته وانعكاس سلوكاته وإقامة شخصيته.
تعريف الأسرة
يمكننا تعريف الأسرة بأنها عبارة عن الرباط الاجتماعي والشرعي الذي يقوم بجمع رجل بامرأة من خلال علاقة غريزية شرعية قانونية تقوم بضمان للطرفين حقوقهما والتزام كل طرف بأداء واجباته، حيث تتسع لكي تشمل ذرية الطرفين وأقارب كل منهما؛ حيث أنها مؤسسة اجتماعية تقوم على مبدأ الشراكة بين جنسين لإتاحة لكل منهما حاجاته الغريزية والبيولوجية.
وذلك في إطار حدود القانون والدين، حيث تعطى الأطراف حقوقهم على مستوى الأبوة والرعاية لكي تبدأ الشراكة من أجل التوسع بالإنجاب ودخول شركاء جدد لكي تعرف الأسرة عندها بالأسرة النواة، ويكون في الإمكان اعتبار أقارب الطرفين من فروع وأصول وقرابات في مكونات الأسرة لكي تكون الأسرة النواة محتواة بأسرة أخرى تقوم بضم علاقات وعناصر أكثر توسعا تعرف باسم الأسرة الممتدة في وقتها.
وظائف الأسرة
كانت الأسرة في الزمن الماضي، تعتمد كليًا على الطبيعة والظروف الخاصة بها، من أجل توفير وإتاحة لقمة العيش حتى يضمنوا استمرار البقاء على مستوى حدود جغرافية محددة، وكانت الأسرة تكون متماشية مع التغيرات والتفاعلات الطبيعية والبيئية بالارتحال والتكيف والقيام باعتماد نمط معيشي محدد يضمن أمن الأسرة الأمني والبيولوجي على حد سواء.
ومع تحسن الحياة وزيادة الحضارات وازدهار أحوالها، حيث بدت الاحتياجات الأسرية أكبر من أي وقت مضى؛ حيث أن الضرورات تزداد وتتوسع والمتطلبات مختلفة ومتنوعة، وصارت الحاجة من أجل تكوين الأسرة لا يمكن أن يكتفى بها على الغذاء والحماية والإنجاب مثلما كانت في الوقت السابق، بل صارت وظائفها أكثر توسعا وأشمل اختصاصا.
أصبح على الأسرة في هذا الوقت، فإن القيام بتخطيط كل مدخلاتها الفطرية والبيئية وتفاعلاتها الأمنية والسلوكية والتربوية وحتى الاجتماعية من أجل ضمان الاستقرار الاجتماعي والبيولوجي والأمني، بالإضافة إلى استمرار الازدهار والتطور، وتوسع المناطق المعيشية إلى مناطق متخصصة وخاصة بتنظيم المعيشة والسكن كما في القرى والمدن ومختلف الدول.
حيث اختزلت وظائف الأسرة بالتدريج، لكي تقوم بإعادة حاجتها ووظيفتها للطلبات الأولى الثلاث، وكان هذا الأمر بداعي الاعتماد على المنظومة الأكبر والأكثر شمولية وهي المجتمع ومؤسساته.
وظائف الأسرة
الوظيفة البيولوجية
تعتبر الوظيفة البيولوجية، من أهم وظائف الأسرة، حيث أن الأسرة تكون منفردة بشرعية العلاقة الجنسية على المستويين الديني والقانوني في كل بلاد العالم، حيث توفر لكل الزوجين حاجته البيولوجية على مستوى إقامة العلاقة الجنسية وتكاملها، وكل الذي يترتب على هذا الأمر مثل الاستقرار وإشباع رغبات الزوجين.
كما يجب أن تراعي هذه الوظيفة، أهمية إنفاذ الواجبات والحقوق التي تكون موكلة لكل فرد منهما، حيث تنبثق عن تلك الوظيفة جزئية هامة يجرى تصنيفها مثل وظيفة أساسية للأسرة وهي التكاثر، وعندما تتحقق المصلحة الجسمانية التي تكون متمثلة بالجنس العفيف يجرى تحقق الأمن الأسري.
بالإضافة إلى ما يمكن أن يبنى عليه من أمان المجتمع وصلاحه، حيث يمكن أن ينتج عن هذا الأمر في الصحة البدنية للأزواج بعيدا عما يقوم الجنس المحرم بتسويقه من أمراض وآفات بدنية ومجتمعية، وانفلات أخلاقي واختلاط الأنساب.
الوظيفة النفسية
إذ تنبني الأسر على إتاحة الإحساس بالأمان، والاستقرار عند أفراد الأسرة، والقيام بزيادة شعورهم بالحنان والحب والراحة النفسية والسلام عن طريق العيش دون أي خطر، أو قلق يقوم بتهديد حياتهم، ولا مفر من أن نشير إلى أهمية القيام بإبعادهم عن أجواء الرفض والفتور من أجل تجنب تأثيرها على الطباع الشخصية الخاصة بهم.
الوظيفة التربوية
الأبناء على القيم الصحيحة، والمبادئ والأخلاق العالية، بالإضافة للعادات.
هذه الوظيفة خاصة بتربية الأبناء على القيم والعادات السليمة، والمبادئ بالإضافة إلى العادات الاجتماعية الجيدة والتي تحث على تكوين الذات، والقيام بغرس المعاني الوطنية وحب الوطن في النفوس، والقيام بتعليمهم أهمية الوقت، وأهمية الحرص على قضائه بما هو مفيد، مثل التسجيل بالدورات التدريبية الهادفة والتي تسهم في تطوير الشخصية وجعلها أفضل.
أو عن طريق أداء التمرينات الرياضية، وغيرها، ولا مفر من أن نشير إلى ضرور دور الأسرة على مستوى تحذير الأبناء من المخاطر المحيطة بهم، مثل رفقاء السوء، والانحرافات الفكرية والسلوكية والتدخين والمخدرات، مع أهمية توطيد العلاقة بينهم وبين الأبناء، من أجل تجنب لجوئهم لغيرهم عند الحاجة.
الوظيفة الاجتماعية
يكون دور الأسرة متمثلًا في ذلك الإطار، من خلال إتاحة الرعاية والشعور بالمسؤولية، ما يؤدي إلى توفير المنفعة لكل الأطراف بالذي يتضمنه ذلك الجانب من تحقيق التعاون الذي يقوم بجلب الراحة النفسية والاستقرار.
ويقوم بتأكيد وتحقيق المعنى الإنساني لتكوين الأسرة المستقرة، بسبب الأساس الذي بنيت عليه الأسرة من سلامة الفطرة وتوزيع الأدوار وأداء الحقائق والواجبات، حيث يجرى تحقيق الألفة والترابط، ويشتد المجتمع ويتماسك، ومن ثم يكون هذا الأمر صلاح المجتمع وقوته وتقدمه.
وظائف أخرى
إذ توفر الأسر في الوظيفة الاقتصادية كل الاحتياجات المادية الخاصة بأفرادها، من أجل ضمان حياة كريمة ومستقبل مشرق، وهناك الوظيفة العقلية، حيث تقوم بالاعتماد على تعليم أفراد الأسرة الكثير من السلوك واللغات وطرق التفكير وحل المشاكل والتعامل معها، مع وضع الكثير من المعايير لتقوية الثقة فيما بينهم.
وبالنسبة للوظيفة الدينية والأخلاقية، فمن خلالها يجرى تعليم كل التعاليم الأخلاقية والمجتمعية والدينية وآلية التحلي بالأخلاق الدينية.