قد تشكل المفاهيم أصل المعرفة الإنسانية، فهي أدوات إدراك الوجود على النحو التجريدي، وإذا كانت غاية الإنسان من معرفته هي الوصول الى العلم، فإنه لن يستطيع الوصول إلى غايته المستهدفة إلا بعد ما يصل إلى المفاهيم، وبدرجة عالية من الدقة.
وفي اطار هذا نجد أن هناك عدة إشكاليات تواجه الوصول إلى مفهوم موحد للتربية المقارنة، وقد يرجع ذلك إلي:
- تعدد التوظيفات المستخدمة للمفهوم.
- تداخل هذا المفهوم مع عدد من المفاهيم المجاوره له، ولاسيما مفهوم التعليم.
- تعدد التعريفات بتعدد المراحل التاريخية، وذلك من حيث الفلسفة التربوية اللتي تهيمن في مرحلة تاريخية معينة.
- تداخل معاني هذا المفهوم، بتأثير عملية الترجمة من لغة أخرى.
- اختلاف مفهوم التربية باختلاف طبيعة النظرة إلى الطبيعة الإنسانية.
- اختلاف مفهوم التربية باختلاف تیاراتها الفكرية، وبإختلاف الأطر المرجعية للمفكرين.
- اختلاف مفهوم التربية باختلاف الاتجاهات السياسية الحاكمة.
- اختلاف مفهوم التربية باختلاف التطورات العلبة الجارية التي تعدل في طبيعة النظرة إلى التربية.
- اختلاف مفهوم التربية باختلاف البعد الذاتي المفكرين والمنظرين.
المفاهيم المختلفة للتربية المقارنة
بالعودة إلى المعاجم نجد أن كلمة تربية من الجزر رہا (يربو) تحمل معني الزياده والنمو: ربا الشئ يربو ربواً ورباءً: زاد ونما، وأرببته نميته.
مفهوم التربية المقارنة لغة
تعني الفحص من اجل التعرف على التشابه من عدمه.
مفهوم التربية المقارنة اصطلاحا
لا يوجد حتى الآن اتفاق عام بين المشتغلين بالتربية القارنة على وضع تعريف محدد لها، وذلك لأنها علم متداخل التخصصات، ومن ثم فقد تولت التعريفات حسب وجهات النظر المختلفة، والتي يمكن تصنيف بعضها إلى عدة مداخل كما يلى:
- المدخل التاريخي.
- المدخل التحليلي.
- المدخل النفعي (القيمة النفعية).
- المدخل الثقافي.
يرى فيرنون مالينسون أنها: الدراسية المنظمة للثقافات من أجل اكتشاف أوجه الشبه والاختلاف والتعرف على مشكلات التربية في الدول المختلفة وكيفية التغلب عليها في ضوء الإطار الثقافي للنظم التعليمية بهدف الإفادة من ذلك في إصلاح النظم القومية وتطويرها.
بعض التعريفات المعاصرة في مصر
يقترح (ياسر الهنداوی) تعريفا للتربية المقارنة على أنها: علم من العلوم التربوية يعني بالسياق المؤسسي للنظم التربوية والعوامل المؤثرة فيها في السياق المجتمعي والعالمي، بهدف الوصول إلى مبادئ ونظريات تفسر اتجاهات التغيير التربوي و عمليات إدارته في السياقات الثقافية المختلفة.
ملاحظات على التربية المقارنة
- التربية المقارنة عمل نظري تطبيقي متداخل ومتعدد التخصصات.
- أهمية التحليل الدقيق للسياق الثقافي للمؤسسات التربوية للتعرف على آلياتها وطريقة عملها وكافة جوانبها الداخلية، وربط ذلك بالسياق الثقافي المجتمعي والعالمي للتأثيرات المتبادلة بينها.
- تركيز التربية المقارنة على البعد المستقبلي بالتأكيد على عمليات التغيير التربوي وإدارته والوصول إلى نظريات لتفسيره والتنبؤ بعدی نجاح هذا التغيير، وأن الغاية الأساسية للتربية المقارنة استشراف المستقبل التربوي وطرح سياسات تربوية تتفق مع المتطلبات والاحتياجات المستقبلية وتلبيتها.
- لا يقتصر عمل التربية المقارنة على نظم التعليم الحالية بل ترصد اتجاهات التغيير في النظم التعليمية والنظم المجتمعية الأخرى.
- سيطرة الهدف النفعي للتربية المقارنة ويتمثل في ضمان التنفيذ الفعال للسياسات التعليمية في الدول المختلفة، من خلال دراسة نظريات التغيير في النظم التعليمية ومعوقاتها وكيفية مواجهتها.
- الهدف العالمي والدولي المتمثل في تحسين وتطوير نظم التعليم في البلاد المختلفة لتحقيق التعاون والتفاهم الدولي والأمن والسلام العالمي.
- علم يبحث في فهم طبيعه عمليات التربيه في بلاد مختلفه ، وتفسير اتجاهاتها ، وإدراك ما بينها من علاقات ومحاولة الإفادة من ذلك.
- تربية المقارنة بالدراسة المقارنة التفسيرية لأوجه التشابه والاختلاف للظواهر التعليمية المختلفة .
- وتستهدف التربية المقارنة إصلاح أو معالجة أو تطوير أوضاع التربية والتعليم بما يتلاءم مع الظروف القومية لكل مجتمع .
- التربية المقارنة علم يبحث في أهداف ومناهج وطرائق التعليم ومشكلات النظام التربوي انطلاقا من معطيات فلسفية وإيديولوجية معينة في بلد ما أو مجموعة من البلدان لها خواص مشتركة ومحاولة نقل هذا النظام أو بعضه وتطبيقه في بلد آخر مع الأخذ في الحسبان الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لهذا البلد أو ذاك.
- ينبغي لفهم النظم التعليمية أن نتعمق في تحليل القوى السياسية والاجتماعية التي تحكمها. ذلك أن النظم التعليمية تعكس عادة الفلسفة الاجتماعية والسياسية السائدة بصرف النظر عما اذا كانت هذه الفلسفة مصرحا بها او عكس ذلك في بلد معين.